كالن يلتقي المعارضة السورية ويقدم تطمينات بخصوص مسار التطبيع مع النظام
حرص الجانب التركي خلال الأيام الماضية على تقديم تطمينات للمعارضة السورية بما يخص مسار التطبيع بين أنقرة والنظام السوري، وظهر ذلك علناً في تصريحات وزير الخارجية التركي حقان فيدان في 14 تموز الجاري أكد فيها بأن بلاده لن تغير موقفها من المعارضة السورية، ويتركون لها الخيار بخصوص التواصل مع النظام السوري.
لقاء الجانب التركي مع فصائل الجيش الوطني
علم موقع تلفزيون سوريا من مصادر مطلعة أن الجانب التركي أجرى يوم أمس لقاء مع فصائل الجيش الوطني ووزير الدفاع التابع للحكومة السورية المؤقتة، وحضره من الطرف التركي رئيس الاستخبارات إبراهيم كالن، ومستشارون أمنيون مسؤولون عن الملف السوري، إلى جانب المسؤول السابق عن الملف الملقب بـ “أبو سعيد”.
وفقاً للمصادر فإن الجانب التركي أكد للوفد السوري أن تركيا مستمرة بمحادثتها مع النظام السوري من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعدم السماح بتفكيكها نتيجة المشاريع الانفصالية، بالإضافة إلى حرصها على تفعيل الحل السياسي بما يسمح بعود الاستقرار في سوريا، لكن هذا المسار منفصل بشكل كامل عن علاقة تركيا مع المعارضة السورية، وأنقرة لن تتخلى عن هذه العلاقة، ولن تجبر المعارضة على خيارات لا تريدها.
ووعد الجانب التركي بإعادة النظر في الأوضاع بمنطقة شمال غربي سوريا، فيما يتعلق بأسلوب الإدارة الذي أثار اعتراضات شعبية كثيرة خلال السنوات الأخيرة، ومطالبات بنمط جديد مع المنطقة وتقليص حجم تدخل الموظفين الأتراك بالإدارة، حيث أكد الجانب التركي بأنه سيضع آلية تنسيق جديدة تتيح لأهالي المنطقة بإدارة شؤونهم مع ضمان التنسيق بين الجانبين.
مشاورات تركية مع مؤسسات المعارضة السورية
وأجرى الجانب التركي مشاورات مع مؤسسات المعارضة السورية المختلفة قبل عقد الاجتماع مع فصائل الجيش الوطني، لمناقشة رؤية مشتركة للتعاطي مع الأوضاع الراهنة.
وتضمن التوصيات التي قدمتها المؤسسات السورية إعادة هيكلة المؤسسات الأمنية شمال غربي سوريا، والحرص على تنشيط الاقتصاد، بالإضافة إلى التواصل المستمر في النقابات والفعاليات المجتمعية وعدم الاكتفاء بالتواصل مع المؤسسات الرسمية.
ومنذ اندلاع المظاهرات والصدامات بين المتظاهرين والجانب التركي مطلع تموز/ يوليو الجاري، كثّف الجانب التركي من لقاءاته مع فصائل المعارضة وناشطين سياسيين سوريين من أجل العمل على العودة إلى التهدئة، حيث لم ينف الجانب التركي في اللقاءات عموماً رغبته باستعادة العلاقات مع النظام السوري، لكنه أكد أن خطواته ستصب في صالح المعارضة وسوريا عموماً، ولن تكون على حساب المعارضين للنظام، ولن تؤدي إلى الإضرار باللاجئين.
وعُقد في الثامن من الشهر الجاري اجتماع في منطقة حوار كلس شمالي حلب، بحضور ممثلين عن الجانب التركي، وقادة في الجيش الوطني السوري، ووجهاء وأكاديميين وممثلين عن المدن والبلدات وعدد من الصحفيين، تخلله طرح عدة قضايا تتعلق بمخاوف التطبيع بين تركيا ونظام الأسد، والمشكلات التي تواجه المنطقة.
وشدد الحضور في لقائهم الوفد التركي وعلى رأسه مسؤول الملف السوري على رفضهم الزج بالشمال السوري في أي شكل من أشكال التطبيع مع النظام، وطالبوا بتنظيم الإدارات المحلية وكف يد المنسقين الأتراك، وحماية اللاجئين السوريين في تركيا.
وجاء الاجتماع في أعقاب جملة من التطورات السياسية والميدانية، بدأت بتصريحات لافتة أدلى بها أوزغور أوزال، رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، حيث أبدى استعداده للقاء بشار الأسد لمناقشة آلية إعادة اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم، أعقب ذلك تصريحات للرئيس التركي أردوغان أشار فيها إلى استعداد بلاده لإقامة علاقات دبلوماسية مع الأسد، مؤكداً أنه “لا يوجد سبب يمنع إقامة العلاقات الدبلوماسية”، وأن تركيا ستواصل تطوير العلاقات كما كانت في الماضي.
بهذا السياق، تزايدت المخاوف من تنامي النفوذ الروسي في الشمال السوري، حيث حاولت دورية عسكرية روسية، برفقة القوات التركية، دخول مدينة الباب في شهر حزيران الماضي، وقوبل ذلك برفض من الأهالي وسكان المدينة، الذين منعوا الوفد العسكري الروسي من الدخول بعد احتجاجات وقطع للطرقات المؤدية إلى معبر أبو الزندين الفاصل مع مناطق سيطرة النظام السوري.
تزامنت هذه التطورات مع تصريحات لوزير الخارجية التركي، حقان فيدان، الذي دعا النظام السوري لاستغلال فترة الهدوء ووقف إطلاق النار لحل المشكلات الدستورية وتحقيق السلام مع المعارضة، كما أكد فيدان على ضرورة توحيد الجهود بين النظام والمعارضة لمكافحة حزب العمال الكردستاني، مشيراً إلى أن النظام يجب أن يستغل هذه الفترة بعقلانية لحل مشكلاته الدستورية وإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم للمساهمة في إعادة بناء الاقتصاد السوري.
هذا التصاعد في الأحداث أشعل فتيل الغضب بين السكان في شمال غربي سوريا، خاصة بعد الممارسات العنصرية التي شهدتها ولاية قيصري وسط تركيا ضد اللاجئين السوريين، والتي كانت بمثابة الشرارة التي فجرت الاحتجاجات المتزايدة، وقد كانت المظاهرات في الواقع انعكاساً لعدد من المشكلات المتراكمة والفشل الإداري في شمالي حلب وعدم إيجاد حلول منطقية لذلك رغم المناشدات المتكررة.
في ظل هذا الوضع المتأزم، تدخلت مؤسسات في المعارضة السورية لتهدئة الأوضاع عبر بيانات تدعو إلى ضبط النفس، تمهيداً لجلسات تهدف للاستماع إلى مطالب السكان، ويبدو أن الاجتماع الجديد في حوار كلس يأتي في هذا السياق، حيث سعى الحضور إلى طرح القضايا الشائكة بشكل جريء على مسمع المسؤول التركي، أملاً بإيجاد أرضية مشتركة لتغيير الواقع المظلم كما يصفونه.
آلية جديدة للتعامل مع اللاجئين السوريين
أكدت مصادر متعددة في المعارضة السورية لموقع تلفزيون سوريا أن الجانب التركي يتجه لآلية جديدة للتعامل مع اللاجئين السوريين، ستركز على إدماج أصحاب العمل المستقر، والمتناغمين مع الأوضاع في تركيا، وتسهيل عودة الراغبين إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.
ومن المفترض أن تتضمن الآلية إتاحة المجال أمام الحصول على أذونات عمل للسوريين للانخراط في قطاع العمل التركي، ومنح إقامات سياحية للراغبين بها، مقابل استمرار الحملات على الهجرة غير الشرعية، ومنع موجات هجرة جديدة قادمة من الأراضي السورية.
وبحسب المصدر، فإن عملية منح الجنسيات الاستثنائية ستستمر لكن ضمن آلية جديدة تراعي مدى اندماج الشخص وارتباطه بقطاع العمل في المجتمع التركي.
ومع رد بشار الأسد بشكل رسمي على دعوات الرئيس التركي للقاء به، وإظهار الأسد نوعاً من المرونة وإشارته لاستعداده للقاء بين الجانبين، مع التأكيد على ضرورة توضيح مضمون اللقاء، يبدو أن الأمور تسير باتجاه استكمال المحادثات بين أنقرة والنظام السوري، وبالتالي يسعى الجانب التركي لتوضيح خطواته والغاية منها للمعارضة السورية تجنباً لأي رد فعل سلبي من الجانب السوري.
المصدر: تلفزيون سوريا