من أجل حرية الكلمة

img

لا يختلف اثنان على أهمية الإعلام والكلمة الحرة في حياة المجتمعات وقد عاش السوريون عقودا طويلة وهم يسمعون خطابا مزيفا وكاذبا من النظام السوري، وليس هذا فحسب بل الخطاب السياسي أيضا كان مكملا للخطاب الإعلامي الكاذب، حيث كان يفتقد إلى الحد الأدنى من الصدق والواقعية. وقد حُرِم السوريون من حرية الكلام والتعبير عن الرأي، وسجن المئات من أصحاب الرأي، لأنهم عبروا بصدق وجرأة عن مواقفهم السياسية المنتقدة للنظام، فدفعوا اثمانا باهضة لمواقفهم السياسية.

وجاءت الثورة ففتحت ابواب الحرية على مصراعيها وبدأ السوريون لأول مرة يقولون ما يفكرون به ويمارسون حرية التعبير والتفكير والكتابة والحديث. ولكن للاسف عانت المعارضة وقوى الثورة ومعظم الفعاليات السياسية من ضعف الخطاب السياسي والاعلامي، ولم تنجح مؤسساتها في تقديم مؤسسات اعلامية وسياسية تتمتع بخطة وبرنامج عمل ورؤية واضحة وشاملة سياسية واعلامية، وعلى مدى عشر سنوات شهدنا مشاركات اعلامية وسياسية متنوعة غلب عليها الطابع الشعبوي وغابت الرؤية السياسية الوطنية العميقة التي تنطلق من فهم عميق للواقع السوري ومجريات الامور ودور اللاعبين الخارجيين في المشهد السوري، بل هيمنت العفوية والارتجالية والاجندات الخاصة ذات الخلفيات تحت الوطنية أو فوق الوطنية. وشهد السوريون التشتت في العمل، والضبابية في المواقف من الظواهر الاجتماعية القديمة الجديدة في المجتمع السوري، والتي برزت بوضوح شديد نتيجة القمع الوحشي للنظام ودعمه من ايران وروسيا ومن يتبعهم من ميليشيات ومرتزقة، وكذلك أمام صمت دولي وتخاذل حيال ما جرى من ابادة وتهجير قسري وتغيير ديموغرافي بحق ملايين السوريين. بعد عشر سنوات من التضحيات الكبيرة على طريق الحرية والكرامة والعدالة، نتوقف من جديد أمام خطابنا السياسي والإعلامي الذي كان اقل بكثير مما يليق بثورة عظيمة كالثورة السورية. لم نتمكن من اعطاء صورة مشرقة عن كفاح الشعب السوري وطموحاته في بناء دولة جديدة تقوم على المواطنة وسيادة القانون ومساواة السوريين امامه دون تمييز، ولا بتطمين كافة المكونات الاجتماعية، بأن سورية الجديدة الديمقراطية لا يمكن إلا أن تكون للجميع ولا يمكن بناء حرية الوطن إلا على اساس حرية المواطن والعكس صحيح. ومما يؤسف له ضعف او غياب دور التيار الوطني الديمقراطي في العمل السياسي والاعلامي، باستثناء جهود متفرقة وفردية. من هنا جاءت فكرة تأسيس منبر للسوريين ذوي التوجه الوطني الديمقراطي العلماني متمثلا في موقع “سوريا المستقبل” لكي يقولوا رأيهم ويعبروا عن موقفهم مما يجري في بلادنا ويفكروا بصوت عال حول مستقبلها. نطمح لأن نكون المنصة المفتوحة للحوار والنقاش البناء من اجل مستقبل مشرق لبلادنا، وأن يكون نبراسنا هو التوجه إلى كل السوريين المؤمنين بضرورة التغيير السياسي الديمقراطي الشامل والذي يحقق إنسانية السوري وكرامته، ويحقق العدالة ونتخلص من المافيات التي حكمت سوريا على مر العقود وأن تتم محاسبة المجرمين وتجار الحروب مهما كانت انتماءاتهم، لكي تعود سوريا الحرة للسوريين جميعا.


الكاتب هيئة التحرير

هيئة التحرير

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة