الشعب السورى و التحولات الجارية على أرض سوريا
تثير التحولات الجارية في المناطق المختلفة من سوريا العديد من التساؤلات لدى المتابعين ولدى عموم السوريين المنتشرين في مناطق السيطرة المتعددة والذين يعيشون تحت ظل قوانين مختلفة بحسب سلطات أمر الواقع التي تحكمهم بقوة بالسلاح بالدرجة الأولى؛ في مناطق الإدارة الذاتية أو المجالس المحلية أو الهيئات الشرعية إلى ما تبقى من الدولة السورية التي جرها النظام إلى دمار لم تشهده البشرية منذ الحرب العالمية الثانية، فتدمير مقومات الحياة للبشر كان هدفاً رئيساً للنظام، وبذلك سلب الإنسان السوري كل ما تبقى له من مقومات الوجود ناهيك بالحرية والكرامة التي ثار من أجلها.
تداعيات فعل النظام والتدخلات الإقليمية والدولية وميليشياتها وقوى الثورة المضادة كان ضحيتها بالدرجة الأولى المدنيين والشباب السوري المتمرد في مختلف المناطق بل أضحت ظاهرة واضحة محاربة حملة السلاح للنشطاء في التنظيمات أو التجمعات والفعاليات السياسية الإعلامية المرتبطة بهموم وآمال الشعب السوري بل بات تحييد كل من عمل سلمياً ومدنياً غاية بحد ذاتها.
كما أن اقتلاع و تهجير ما يقارب نصف الشعب السوري داخلياً أو خارجياً غيرت من طبيعة اهتمامه بثورته إلى الالتفات لبناء حياة في مناطق جديدة و غريبة عنه، لا بل حملته طاقات أكبر منه بكثير جعلت منه سلبياً تجاه الثورة وتجاه كل السياسات التي تحاك لوطنه.
وهنا يجدر التذكير بكل الاتفاقيات التي أبرمها النظام السوري مع روسيا وإيران، واللتان كان لهما الدور الأساسي في الكارثة الكبرى التي تعرض لها الشعب السوري بما فيها الانهيار الاقتصادي وكذلك الدمار الذي حل في مناطق سكنه، فهذه الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية التي تشمل رهن البلاد وبيع وتأجير العديد من الشركات والموانئ السورية وتسريح العمال السوريين وإحلال عمال من جنسيات من خارج الوطن مكانهم، فاقمت من الفقر والجوع على السوريين.
إن السلطة الأسدية في تنفيذ سياساتها الإجرامية بعد استخدامها للعديد من الشخصيات العسكرية والمدنية والدينية التي قامت بأدوار قذرة يجري التخلص منهم تباعاً فإما بالتصفية الجسدية أو الإعفاء من المهام والإذلال، ومثال على ذلك ما حصل مع عصام زهر الدين، عماد خميس، مأمون رحمة وآخرهم المفتي أحمد حسون، بل تمت الإطاحة بموقع الإفتاء لأغراض أبعد، تخفي توجهات حلفائه، وأوامر من حليفه الإيراني على وجه الخصوص ذو البرنامج المذهبي والتفتيتي في المنطقة بالتكامل مع استراتيجية اليمين الإسرائيلي.
إن النظام السوري ممثلاً ببشار الأسد ومن قبله أبوه لم يكن إلا جزءاً من منظومة إقليمية تحمي الاستبداد وتنهب الشعوب وتمنع تطورها مدعومة ومحمية من أجهزة دولية تمثل مصالح واستراتيجيات دولها العميقة، وإن أي خلل في أداء مهامه سيلقى مصير غيره من الحكام.
إن مصير الشعب السوري في مختلف مناطق وجوده في الداخل أو المهجر، أن يعي أن عيشه الكريم وحريته والتئام الشروخ في نسيجه الوطني مرتبط بزوال هذا النظام وجميع قوى الأمر الواقع والاحتلال المفروضة عليه من القوى الإقليمية والدولية.