شمس الدين الكيلاني.. وداعاً
ببالغ الحزن والألم تلقت الهيئة القيادية لحزب الشعب الديمقراطي السوري نبأ رحيل الشخصية الوطنية المعروفة، شمس الدين الكيلاني صباح يوم الخميس 25 أيار 2023 بعد معاناة طويلة وشاقة مع المرض في دولة قطر منفاه الاختياري بعد مغادرته سوريا في العام 2012 وقلبه يعتصر ألماً على الحال الذي وصلت إليه، وهو المسكون بحب أهلها الطيبين والحالم بمستقبل مشرق يتمتع فيها الجميع بالحرية والكرامة الإنسانية.
تكّون وعي الراحل مع تنامي حركة الشباب والثورات الطلابية في أوروبا ومع تنامي الفكر التقدمي ونهوض المقاومة الفلسطينية ومحاولات الرد على هزيمة الخامس من حزيران والحوارات التي شهدتها حلقات الفكر والسياسة في المنطقة العربية، وكان لوالده المتنور الشيخ عبدالله ولشقيقه الأكبر الذي عمل في صفوف يسار المقاومة الفلسطينية، الأثر الكبير في تشكيل وعيه المستقل.
منذ بداية السبعينيات ومع محاولات الكوادر المتقدمة في الحزب الشيوعي السوري فك تبعيته عن المدرسة السوفييتية واستقلاليته عنها، انحاز شمس إلى تيار التجديد داخل الحزب فيما بات يعرف بالحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي، حتى نيسان 2005 حيث غيّر اسمه إلى: حزب الشعب الديمقراطي السوري، ومثل غيره من كوادر الحزب والتجمع الوطني الديموقراطي ونشطاء النقابات المهنية تم اعتقاله في أواسط شهر تشرين الأول من العام 1980، كان ذلك في سياق الصراع الدامي الذي شهدته البلاد بين طرفي التطرف والعنف: النظام والحركة الاسلامية المسلحة، والمأزق الذي دخلته البلاد بسبب اعتماد النظام الديكتاتوري الحلول الأمنية في مواجهة الحراك الديمقراطي الذي حاول استبعاد خيار الحل الأمني.
بعد الافراج عنه بتاريخ 16 كانون الثاني 1991، تابع الكتابة في أكثر من دورية، وظهر مؤلفه الأول تحت عنوان “مصير الجماعة العربية – نقد لفكر سمير أمين”، بعدها تتالت مؤلفاته في ميادين السياسة والتاريخ والتراث ليغني المكتبة العربية في هذه الميادين، وعِبر “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” شارك في عدة مؤتمرات وندوات تناولت الشأن السوري وقضايا الثورة.
بعد خروجه من السجن آثر عدم دخوله في أي تنظيم حزبي، وإن كان شديد النقد لآليات عمل الحزب التنظيمية، لكنه بقي لصيقاً بالحزب عبر علاقاته مع العديد من كادراته وخاصة في مدينتي حلب واللاذقية.
سيترك رحيله ألماً في قلوب الذين عرفوه في المعتقل من مختلف التيارات، والعاملين معه في ميادين التنظيم والثقافة والبحث، وسيتذكره السوريون الأحرار كمدافع عن ثورتهم ودعوتهم للتوحد والمحافظة على وطنية الثورة واستقلاليتها، سيتذكره أصدقاؤه الذين كانوا يتابعون وضعه الصحي بقلق كبير، وأكثر من سيفتقد غيابه زوجته وأحبابه الذين كان لهم بمثابة الأب والجد، وأخوته وعائلاتهم وأبناء مدينته جسر الشغور.
لكل هؤلاء تتقدم الهيئة القيادية بخالص التعازي الحارة على مصابهم الجلل، وتتمنى لسوريا المعافاة والخلاص من النظام الديكتاتوري وما أفرزه من سلطات تابعة، ومن احتلالات جلبتها سياساته التي دمرت الدولة والمجتمع.
لروح فقيدنا الغالي الرحمة والسكينة.
2023/5/26
حزب الشعب الديمقراطي السوري
الهيئة القيادية