تقدير موقف سياسي حزيران 2022
نقطة تحول جديدة تخيم على الشمال السوري، ففكرة قيام تركيا بإقامة المنطقة الآمنة والتي تمتد على كافة الشمال السوري من شرقه إلى غربه وبعمق ثلاثين كيلو متراً داخل الأراضي السورية بهدف إبعاد خطر قسد وحزب العمال الكردستاني وبالتالي فصل ما يسمى كردستان في سورية وتركيا. ولعل استغلال أردوغان لظروف الحرب الروسية على أوكرانيا وعدم حسمها من قبل الجيش الروسي رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على بدئها وبالتالي الحصار المطبق الاقتصادي الذي تفرضه أميركا وأوروبا على روسيا. وهنا تظهر حاجة بوتين الملحة لإيجاد مخرج لهذا الحصار، وتركيا قد تكون الملاذ للخروج من الحصار حيث تسعى روسيا للمحافظة على العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدولتين.
وتأتي فرصة أردوغان للحصول على أكثر من نقطة لصالحه في خضم الصراعات الداخلية في تركيا. فإقامة المنطقة الآمنة في الشمال السوري باتت شبه قوسين أو أدنى بالضغط على روسيا لنيلها. وأيضاً ربط ذلك بموافقتها على دخول السويد وفلندا في حلف الناتو من ناحية عدم دعم السويد لاجتماعات مسد على أراضيها. وكذلك إعادة مليون سوري إلى الداخل يشكل له مكسب انتخابي مهم. فإن فصول الثورة السورية المستمرة بين ركون واضح للمعارضة الرسمية السورية وبين ما يحاك للأرض السورية بحجج مختلفة.
فمنذ انطلاق ثورات الربيع العربي تم التعامل مع ثورة الشعب السوري بطرق مختلفة أدت إلى عرقلتها ووضع العصي في عجلات حركتها. لأن السلمية التي بدأت بها الثورة بتنظيمها وتنسيقياتها وشعاراتها والأهم عنصر الشباب المميز المثقف والعامل.
ولكن تسليح الثورة كان خطأ كبيراً استغلته الدول العربية والإقليمية كي تقوي النظام واعتماده على القوات الخارجية (روسيا وإيران وحزب الله والميليشيات المختلفة). وكذلك نشوء التطرف الديني ونمو قوى الثورة المضادة وأصحاب الأجندات الخاصة من تنظيم داعش الإرهابي وجبهة النصرة وقوات سورية الديمقراطية الجناح العسكري لمسد.
كل هذا جاء عكس ما رغبه جمهور الثورة والذي ساندها في سلميتها وأشهرها الأولى. إنما بعد التسليح اختلفت الآراء وبدت الضبابية تظهر أكثر. لأن سلاح الفصائل لم يلب طموحات ما تمناه الشعب بل جاء ليكون وجهاً آخر لحذاء النظام العسكري وحواجزه وسرقاته. وكذلك حال الفقر والجوع الذي يشابه مناطق سيطرة النظام.
وغير ذلك ارتباطه بمصادر تمويله والتي لم تكن يوماً في صف الثورة السورية بشكل واضح.
جاء السلاح ليقف في وجه الديمقراطية التي ناشدتها ثورة الشعب السوري وإعطاء مبررات للنظام للإجرام بحق الشغب من تدمير وتهجير وقتل. رغم أن النظام كان له اليد العليا في دفع الثورة للتسليح وسعى لذلك من أيام الثورة الأولى.
استطاع النظام مع ميليشيات إيران المختلفة وحزب الله اللبناني ما عدا زرعه للمئات من الخونة في صفوف الجيش الحر آنذاك والتنظيمات السياسية الناشئة ومن ثم المساندة الروسية باسترجاع العديد من الأراضي التي ظلت لفترة أربع سنوات أو أكثر تحت سيطرة الجيش الحر. ولكن لم يستطع أن يقترب من مناطق قسد كونها بحماية أميركية أو الجيش الوطني حديثاً بعد وضع تركيا يدها على مناطقه.
اليوم وبعد أن أصبحت هذه المنطقة الآمنة قريبة الإنشاء، تظهر بالمقابل بوادر القلق من عدم حسن نوايا تركيا وذلك بجعلها منطقة نفوذ تركية طويلة الأمد ولو على كان ذلك على مراحل كنبع السلام وغصن الزيتون. وبالتالي إبقاء النظام في مناطقه ومنه شبه تقسيم واضح للأرض السورية.
إن الثورة السورية قامت لهدف واحد وهو تغيير هذا النظام الفاسد، المجرم بحق شعبه وحق شعوب المنطقة وإقامة نظام ديمقراطي يحفظ الحقوق لكل السوريين على اختلاف اتجاهاتهم وانتماءاتهم. ولم يكن التقسيم أو إنشاء مناطق نفوذ هدفاً لها أبداً. ووحدة الأرض السورية والمحافظة عليها مطلب لا بديل له. وإن حال الشعب السوري على امتداد الجغرافية السورية وخاصة في مئات المخيمات الذي وصل إلى أسوأ حالاته من الفقر والجوع، والملايين يعيشون على المساعدات في ظل عدم توفر أدنى مقومات الحياة.
ومنه فإن تطبيق قرارات مجلس الأمن 2118 و2254 وبيان جنيف، هو أولوية وغير ذلك من مؤتمرات سوتشي وأستانة ليس إلا التفافاً على الشرعية الدولية. وحق الشعب السوري في تقرير مصيره.
لجنة السياسة والإعلام
في حزب الشعب الديمقراطي/الهيئة القيادية