تقدير موقف سياسي
٢٥ نيسان 2022
بدأت مرحلة جديدة في النظام العالمي بعد الحرب الروسية على أوكرانيا في 24 شباط والتي يمكن وصفها بالحرب الإمبريالية التوسعية من قبل روسيا. كما أن الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية، بالرغم من دعمهم العسكري والاقتصادي والإعلامي الكبير لأوكرانيا، إلا أنهم يستخدمون الساحة الأوكرانية كحلبة صراع من أجل المصالح الجيوسياسية الكبرى ضد روسيا. وقد ينتج عن هذه الحرب المدمرة تغيير عميق في نظام الأمن الأوروبي والنظام العالمي بشكل عام. فصراع الدول الكبرى على توسيع النفوذ هو السبب الرئيسي لتلك الحرب وكذلك للحرب الوحشية التي أشعلها النظام السوري ضد شعبه بدعم من حلفائه إيران وروسيا ومن يتبعهم من ميليشيات. وتعيش سوريا اليوم مقسمة تحت سلطات أمر واقع في أنحائها كافة بإشراف دولي وإقليمي.
وبلا شك ستترك الحرب الأوكرانية آثاراً عميقة على منطقة الشرق الأوسط أيضاً: من أزمة في الغذاء بسبب نقص الحبوب والزيت النباتي وارتفاع أسعار النفط وأزمة المرور والحركة في البحر والجو والبر بسبب العقوبات الغربية الاقتصادية الهائلة على روسيا بسبب عدوانها على الدولة الأوكرانية.
وقد منعت تركيا السفن الحربية التابعة لدول الصراع من المرور بمضيق البوسفور والدردنيل حسب اتفاقية مونرو، وكذلك مؤخراً أعلنت منع الطائرات الحربية الروسية من المرور في الأجواء التركية وهذه مؤشرات على احتمال تغير كبير في المشهد السياسي والميداني في سوريا والمنطقة. في وقت تتابع فيه الطائرات الروسية قصف المواقع المدنية في منطقة إدلب بحجة ضرب أوكار الإرهابيين، لكنها في الحقيقة قد تكون موجهة ضد المواقف التركية غير المريحة لروسيا.
فلا يخفى على المتابعين أن العلاقات التركية – الروسية ضخمة بكل المقاييس ولكن توجد ملفات خلافية كبيرة بين البلدين تتشابك مع الصراع الواسع بين أمريكا وروسيا، وبالتالي لا نستبعد بعد الوحشية الروسية في أوكرانيا أن تنسق أمريكا مع تركيا وتعقد بعض التفاهمات لفرض منطقة آمنة لإزاحة ميليشيات قسد الإرهابية من شمال سوريا تحقيقاً لمطلب الأمن القومي التركي.
كما أن الانشغال الروسي في أوكرانيا سيضطرها إلى التراجع قليلاً في الساحة السورية وخاصة في شرقي سوريا حيث بدأت الميليشيات الإيرانية باستلام بعض مواقع الروس بالإضافة إلى سحب مقاتلي فاغنر وقوات عسكرية وطائرات روسية من سوريا إلى أوكرانيا.
وبالرغم من التصريحات الأمريكية والدعوات الغربية لمحاسبة رأس النظام السوري وكشف أرصدته الشخصية إلا أنه مازالت تغيب الإرادة السياسية لتطبيق قرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 2254 لحل الأزمة في سوريا، كما شهدنا انفتاحاً عربياً على النظام بلغ ذروته في التطبيع مع الإمارات، التي طبعت بقوة مع إسرائيل أيضاً وهي تلعب دوراً كبيراً ومن ورائها روسيا والجزائر لإعادة النظام الأسدي إلى الجامعة العربية.
ومن التطورات اللافتة الحديث عن لقاءات تركية – سورية أمنية قد تنسق للتعامل مع ميليشيات قسد الانفصالية في شمال شرق سوريا كون الطرفين يعلنان عداءهما لتلك الميليشيات المدعومة أمريكياً، علماً أن قسد واخواتها ليست بعيدة أصلاً عن النظام وإيران.
وتسربت أنباء عن احتمال قيام تركيا ببناء مئات المباني السكنية للاجئين والنازحين السوريين، كما منعت اللاجئين هذا العام من زيارة أهلهم وأقاربهم في سوريا، وعلى ما يبدو أن ذلك مرتبط بالتحضيرات التركية للانتخابات هذا العام، حيث تستغل المعارضة التركية ملف اللاجئين للتشويش على حزب العدالة والتنمية بقيادة الرئيس أردوغان. وقد لوحظ في الفترة الأخيرة تزايد التضييق والتشديد على اللاجئين في تركيا وارتفاع المطالبات بتصنيف السوريين في تركيا كلاجئين أسوة ببقية دول العالم.
ويرى حزب الشعب الديمقراطي السوري بأن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا بلغت مستويات كارثية، في وقت تستمر فيه هياكل المعارضة وفي مقدمتها الائتلاف البقاء رهينة أجندات حزبية وشخصية وخارجية شلت عملها وغيبتها عن لعب دورها الوطني المنشود، وحتى أنها لن تستفيد من الفرصة التاريخية خلال الحرب في أوكرانيا لإبراز القضية السورية في المحافل الدولية وفضح الدور الروسي الذي ساعد النظام الأسدي المجرم في قمع الشعب السوري الطامح إلى الحرية والكرامة، وهو نفس الدور الذي تمارسه روسيا ضد استقلال الشعب الاوكراني وتوجهاته الديمقراطية.
ويدعو الحزب مع آلاف السوريين إلى بناء جسم سياسي وطني مستقل يضم القوى الوطنية والديمقراطية والثورية يصل إلى تشكيل “هيئة تحرير وطنية سورية” تقود العمل لتحقيق أهداف الثورة السورية التي قدم السوريون من أجلها أثماناً غالية.
لجنة السياسة والإعلام في حزب الشعب الديمقراطي السوري/الهيئة القيادية