بيان حول الحالة السورية بعد انتصار الثورة
يتطلع السوريون بعد نصرهم المحقّق بتاريخ الثامن من كانون الأول 2024 وإزالة بشار الأسد من رئاسة الدولة، وإنهاء حقبة حكم آل الأسد من سيطرتهم على سورية ومقدراتها لمدة أربع وخمسين عاماً، وبعد ثورة دامت أربعة عشر عاماً قُدّم على مدارها مئات الآلاف من الشهداء وآلاف المعتقلين والمغيبين وملايين المهجرين في أصقاع الأرض، إلى دولة الحرية والديمقراطية والكرامة؛ دولة التعايش السلمي وانضواء السوريين تحت سقف القانون الذي يكفل العيش المشترك الكريم.
قد تكون الأيام التي مرت غير كافية على نوايا هيئة تحرير الشام ورئيسها أحمد الشرع الذي تحول من حكم أمر واقع في إدلب إلى رئيس لإدارة تولت حكم سورية وفق المعطيات التي فرضتها الظروف والتي ساهمت بصناعتها الدول اللاعبة على الأرض السورية. ولكن تبقى أحلام السوريين مشروعة وقائمة. فنشوة النصر الكبير على طاغية العصر يجب أن يرافقها كل ما تمناه الشعب السوري من خلال تضحياته العظيمة.
إن الانتهاء من الهيمنة من قبل طرف واحد على إدارة الدولة هو الهدف الأساس في إنشاء سورية الجديدة. سورية التي تقوم على جهود أبنائها كافةً؛ المهجرين منهم والذين بقوا في الداخل. وهذه المشاركة تأتي عبر احترام أفراد الشعب من مختلف مشاربهم وتكريس مفهوم المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.
فالحياة السياسية والديمقراطية التي غيبها الحكم السابق عبر سيطرته على مفاصل الدولة والمجتمع، وجعل من السياسة روتيناً بائساً يدور في فلك الحزب القائد للدولة والمجتمع يجب تغييره نحو نظام ديمقراطي يشارك كل أبناء سورية في بنائه. وعبر إفساح المجال لكل القوى السياسية المتواجدة بدون استثناء وكذلك القوى التي ستشكل حديثاً أو التي نشأت مع سنوات الثورة والتي كان لشباب سورية الدور الأبرز بها. وإن الأحزاب التي قدّمت العديد من الشهداء والمعتقلين منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة وكانت كوادرها من أوائل المنخرطين في الثورة السورية لابد أن تكون ضمن أوائل من يبني الدولة السورية الجديدة.
المؤتمر الوطني السوري المزمع عقده،والذي يسعى لأوسع تشاركية بين السوريين،والذي سيؤسس لعقد اجتماعي جديد، من المفروض أن يحمل شعاراً عنوانه الأبرز، الديمقراطية لبناء سورية، لا للمحاصصة بمختلف أشكالها. وإن ما تبقى من أراضٍ خارج سيطرة الدولة السورية لظروف زالت أسبابها بسقوط النظام فإن عودتها باتت ضرورة. فوحدة الأرض السورية أساس لنهضة الدولة والحفاظ على العيش بين أبنائها.
سورية الآن والتي تركها نظام الأسد الفاسد والذي عمل على سرقة كل مقدراتها هي دولة ضعيفة مترهلة. تحتاج جهود كل أبنائها وكذلك جهود المجتمع الدولي والدول العربية لإعادة إعمارها وعودة السوريون لأرضهم.
ان الأخطاء التي تقع فيها شخصيات مسؤولة مكلفة من الإدارة الجديدة او بعض الممارسات المحسوبة على إدارة العمليات العسكرية ؛ والتي أدت وتؤدي إلى ردود فعل واسعة بعضها جرى تصحيحه والتراجع عنه، ينبغي فهمه ومعالجته بالإطار الصحيح عبر الشفافية والرسائل العلنية والنقد البناء، ولقطع الطريق على قوى الثورة المضادة من فلول النظام البائد التي يرعاها حكم الملالي في طهران، وازالة المخاوف المشروعة لدى قطاعات واسعة من شعبنا للحكومة الحالية المؤقتة ذات اللون الواحد رغم التطمينات الكبيرة التي يصرح بها قائد الإدارة الجديدة السيد أحمد الشرع.
إن رفع العقوبات الدولية قد يساهم بشكل كبير في تأمين ما فقده الشعب السوري خلال الفترة السابقة، كما أن ربط رفع العقوبات بآليات تنفيذ الحكومة المؤقتة الجديدة قد يزيد من الأعباء الملقاة على الشعب السوري.
إننا في حزب الشعب الديمقراطي السوري إذ نؤكد على أهداف ثورة الشعب السوري في الحرية والكرامة ووحدة الأرض السورية واستقلال قرارها. وكذلك على الحكومة الحالية والقادمات من الحكومات الالتزام بما تطلع له الشعب السوري من عيش كريم.
2025/1/5
حزب الشعب الديمقراطي السوري
الهيئة القيادية