بيان حول الأحداث الجارية في سورية

img

في سياق ظروف دولية واقليمية، وانشغال حلفاء النظام السوري واستنزاف قواهم في أكثر من مكان في العالم، وخاصة نظام ملالي طهران وأذرعه خارج حدود جمهورية ايران، وتلقي حزب الله هزيمة كبيرة في لبنان وتعرض الميليشيات التابعة للحرس الثوري الايراني إلى ضربات شديدة على الأراضي السورية، والفترة الانتقالية للرئاسة الأمريكية، وتآكل قدرات النظام السوري وعجزه عن توفير أبسط سبل الحياة للسوريين الواقعين تحت سيطرته واستمراره في نفس وسائل الاخضاع، وفي تنامي الحراك الشعبي ضده في أكثر من مكان على امتداد الجغرافيا السورية وفي العالم، والتحول الكبير الصامت لدى حاضنته التي استنزف أبناءها في معركة ابقائه في السلطة هو ودائرته الضيقة وخواء بطون مقاتليه من أبناء الفئات الشعبية الفقيرة، وفي ظل تعنت النظام بالاستجابة إلى الدعوات المتكررة بالذهاب إلى العملية السياسية من أجل انتقال آمن للسلطة يحافظ على وحدة سوريا وشعبها، وإدارة ظهره للقرارات الأممية ولمبادرات الدول العربية والرئاسة التركية، واستمراره في قصف المناطق الخارجة عن سيطرته في الشمال السوري وتسببه في موجات نزوح جديدة سببت قلقاً كبيراً لدى العالم.

في سياق كل ذلك وكما كثير من المفاجآت، كانت العملية العسكرية التي أطلقتها فصائل مقاتلة مسيطرة على مناطق واسعة من محافظة ادلب وأجزاء غربية من محافظة حلب، وفي مقدمتها “جبهة تحرير الشام” صباح يوم الأربعاء 27 تشرين الثاني من العام الجاري تحت اسم: عملية “ردع العدوان”، وعلى نحو مفاجئ انهارت جميع دفاعات النظام المتهالك أمام ضربات قوات “ردع العدوان” وسيطرت على أراضي واسعة من الجغرافية السورية وفي القلب منها، مدينة حلب، وكل حدود محافظة ادلب الادارية، وتبع ذلك وبشكل متسارع سقوط مدينة حماة ومناطق واسعة من المحافظة وهي اليوم على مشارف مدينة حمص بعد سقوط عدد من البلدات شمال المدينة، وفي اليوم الرابع تحركت فصائل من “الجيش الوطني” تحت اسم عملية “فجر الحرية” حيث سيطرت على مواقع واقعة تحت نفوذ النظام السوري والميليشيات الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري الايراني و”وحدات حماية الشعب”، في شمال وشرق حلب: بلدات نبل والزهراء وتل رفعت ومخيم الشهباء والسفيرة وخناصر وغيرها من التجمعات السكانية، بحيث أصبحت الجهات الأربعة المحيطة بمدينة حلب خارج سيطرة النظام.

إننا في حزب الشعب الديمقراطي السوري، إذ نشارك شعبنا فرحته بخلاص هذه المناطق من نظام الديكتاتورية والاستبداد والقهر، الذي تسبب في تدميرها وعمل فيها قتلاً وسجناً وافقاراً وشرّد أهاليها في أصقاع الدنيا، وجعل من قواعده العسكرية وفروعه الأمنية السرطانية منطلقاً لعملياته القذرة، نسجل أيضاً ارتياحنا للشكل الذي تتعامل فيه “إدارة العمليات العسكرية” و”إدارة الشؤون السياسية” التابعتين لغرفة “القيادة العامة” مع الجهاز الاداري الحكومي، وأهالي هذه المناطق على مختلف تنوعاتهم الطائفية والقومية والثقافية وتوفير الأمن والآمان، ومقومات الحياة الأساسية والخدمات الضرورية وتسيير شؤونهم، كما نسجل ارتياحنا لمواقف الفعاليات الدينية المختلفة وللناشطين السياسيين والإعلاميين والحقوقيين ولرجال الأعمال، الذين لعبوا دوراً مطمئناً للأهالي، كما نتشارك غضب الأهالي واحتقارهم لأجهزة السلطة الأمنية والعسكرية التي لاذت بالفرار وعاودت قصفها للأحياء لتثبت من جديد اغترابها عن سورية التي حولتها إلى مزرعة للأسد وأعوانه.

في ظل هذا الفرح وهذا الارتياح، نود التأكيد على أهمية الحفاظ على أرواح المدنيين ومعاملة الجميع على اختلاف تنوعاتهم الدينية والقومية والسياسية بما لا يتعارض مع مدونة السلوك المتعلقة بالمدنيين، والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة وتوحيد المرجعيات القانونية والأمنية وابقاء المقاتلين خارج التجمعات السكنية، والإبقاء على مؤسسات الدولة من جامعات ومدارس وقضاء التي أنتجها السوريون واعلاء شأن المواطنين كأفراد متساوين في الحقوق والواجبات وعدم التمييز بينهم على أساس الدين أو الطائفة أو القومية أو الجنس، ينظمها دستور عصري يتعاقد السوريون فيما بينهم على أسلوب إقراره، كما نؤكد على جميع سلطات الأمر الواقع تحمل مسؤوليتها الوطنية وتجنب الاقتتال فيما بينها وحل خلافاتها بالأساليب السلمية.

إن ما حصل ويحصل في هذه الأيام حرّك حالة الاستنقاع المديدة التي هددت سورية بالانقسام والزوال، وسيكون ذلك عاملاً أساسياً ومدخلاً لزوال هذه المنظومة التي تسلطت على الدولة واستبدّت بالشعب السوري، وسيفتح الأفق بالذهاب إلى العملية السياسية عبر تطبيق القرار الأممي 2254 والبيانات والقرارات ذات العلاقة به، واجبار النظام على الولوج في هذه العملية بعد أن تراجعت سلطته وقدراته وقدرات داعمه الأساسي نظام طهران وأذرعه المختلفة الذي يشكل استمراره في سوريا تهديداً للنسيج الاجتماعي، والذي أضحى حضوره وتأثيره في سوريا محط رفض من قبل المجتمع الدولي لما يشكله من تهديد لدول المنطقة والعالم.

إننا في حزب الشعب الديمقراطي السوري، نرى في تقليص سيطرة النظام السوري على الأراضي السورية، هو مكسب للسوريين جميعاً، شرط رفع راية الوطنية السورية والتوحد عليها بدلالة وحدة سورية أرضاً وشعباً، واقامة علاقات متوازنة مع المجتمع الدولي بعيداً عن التبعية.

النصر لشعبنا المقاوم، والحرية لمعتقلي الرأي على امتداد الجغرافيا السورية، وعودة آمنة وطوعية للنازحين والمهجرين.

والشفاء للجرحى والسلام لأرواح الشهداء.

6 كانون الأول 2024

حزب الشعب الديمقراطي السوري

الهيئة القيادية


الكاتب هيئة التحرير

هيئة التحرير

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة