الديمقراطية والشباب

img

عمار الوهب

لا نزال إلى يومنا هذا نسعى إلى الديمقراطية الحقيقية التي تحقق أهدافاً تؤدي إلى استقرارٍ حزبيٍ بل ووطنيٍ أيضاً. وفي السابق شهدت الأحزاب انقسامات عديدة بسبب عدم الإيمان بالديمقراطية. وهنا أدت القرارات المصيرية إلى خلافات عميقة ومنه إضعاف الأحزاب ومن بينها الحزب الشيوعي السوري وتقسيمه إلى فرق متعددة وللأسف لم تفلح جميعها إن كان من انضم إلى ركب المتحالفين ضمن الجبهة الوطنية أو من انقسم عنهم واختار الطريق الآخر.
عند تطبيق الديمقراطية الحقيقية لا يوجد من يمسك العصا من المنتصف بل هناك فريق متفق يصل وفق عمله السابق وجهوده المبذولة إلى الصف الأول وبالتالي تطبيق برنامجه في تطوير عمل من يقودهم نحو الأفضل. وإلا فالمحاسبة وإبعاده عن سدة القيادة ما ينتظره. وكذلك فإن الديمقراطية ليست أكثرية وأقلية فقط، بل احترام رأي الأقلية وتنفيذه إن كان صائباً.
ولكن ما عانيناه ونعانيه في سني عملنا الحزبي السياسي وخاصة أيام الثورة هو التسلط غير المبرر من قيادات الأحزاب والمنظمات وغيرها وسيطرتهم على سدة القيادة لسنين عديدات دون تقديم أية فائدة عملية للثورة والمجتمع.
وبالعودة إلى الديمقراطية التي تبناها هؤلاء القادة بالشكل السلبي، فكان لهم لهم دور أساسي بإبعاد كوادر مهمة من العمل الحزبي بسبب تصرفات غير مقبولة ومخالفة للأنظمة الداخلية وبنفس الوقت غياب هيئات الرقابة أو التحكيم ومنه الازدياد في التسلط وإبتعاد الرفاق النشطين والفاعلين نتيجة فقد الأمل في العمل الحزبي السياسي.
وهنا نصل إلى بيت القصيد، حيث تبقى مجموعة صغيرة يتغنون بتاريخ الحزب العتيد الذي كتبه رفاقهم بنضالهم ومقارعتهم للأنظمة بينما هم يحاولون حصد ما تركه لهم الزمن. ولكن لن يجنون شيئاً مازالوا مستمرون في أسلوب عملهم هذا.
لماذا؟ بسبب بسيط فإن الإنسان ليس مخلداً إلى أبد الآبدين، وهذا ما لا يدركه الرفاق. فتراهم متواجدين في كل المحافل إن صلحوا لها أو لم يصلحوا، بسبب قلة الكوادر وأيضاً عدم الثقة بالرفاق الآخرين على قلتهم. ومنه وصلت العديد من الأحزاب والمنظمات اليسارية والعلمانية خصوصاً إلى طريق مسدود بسبب عدم تطبيق ما يقولون بل مازالوا يسعون إلى فرض إرادتهم بشتى الوسائل ولو حتى بخلق الفتن بين الرفاق.
ولعل استبعاد العنصر الشاب المتطلع إلى الحياة بعين الحرية هو أهم أسباب سقوط هؤلاء التنظيمات.
فلم تقم ثورة الحرية إلا على أكتاف الشباب، وأن الجزء الأكبر من المنظمات الشبابية التابعة للأحزاب اليسارية سارت مع الثورة ومع أبناء جيلهم من مختلف قطاعات المجتمع بل وقدموا الكثير لثورتهم بعلمهم ونشاطهم وأفكارهم. إلا أن اصطدامهم بأصنام وشخصيات مر عليها الزمن دهوراً، نفرتهم من أحزابهم واكتشفوا زيفها. فلذلك تحولت مساراتهم إلى أماكن أخرى، استطاعوا أن يعطوا آراءهم بحرية وكذلك الأخذ بها ودعمها. والآن هناك تشكيلات بالآلاف قطعت الجزء الأطول من الطريق باتجاه الديمقراطية وتطلعات الثورة المجيدة.
كل هذه الظواهر استغلها نظام الإجرام وحلفائه لخنق الثورة وذلك نتيجة سيطرة الديكتاتوريات الصغيرة على الأحزاب وأيضاً مفاصل الثورة العظيمة.
ويجب أن نقر بأن أحد أهم عوامل نجاح الثورة الاعتماد على جيل الشباب، فإن المستقبل أمامه ولديه طموحات كبرى، وعليه تُبنى الآمال في بناء دولة مدنية لكل السوريين.
إذاً فلتفسحوا المجال للشباب، فقد قدمتم ما عندكم وهم لديهم ما يقدموه. دعوا طلاّب الحرية الحقيقيين يتابعوا ثورتهم، ثورتهم التي أملوا بها الحرية والكرامة فقط لا غير.


الكاتب عمار الوهب

عمار الوهب

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة