السلمُ الأهليُّ أولاً وآخراً..

img

ولأننا دعاةُ حريةٍ، نقولُ: لكلِّ مكوناتِ الشعبِ السوريِّ بشكلٍ عامٍّ، وبشكلٍ خاصٍّ لمن يصفونهم في لغةِ السوشيال ميديا “بذبابِ النظامِ البائد”، ويسعونَ لخلقِ وزرعِ الفوضى والتفرقةِ الطائفيةِ في صفوفِ الشعبِ السوريِّ، نقولُ: آنَ لكم أن تقتنعوا أنَّ نظامَ عصابةِ الأسدِ اندحرَ إلى غيرِ رجعةٍ، وذلكَ “بقرارٍ عالميٍّ وإقليميٍّ وسوريٍّ داخليٍّ”. لذا ندعوكم أن تتخلوا عن أوهامِكم الطوباويةِ بعودةِ النظامِ المخلوعِ بأيِّ شكلٍ كانَ. وأن تكفُّوا عن نشرِ المقالاتِ والشائعاتِ الصفراويةِ، وتضخيمِ الأحداثِ، وإعطائِها بعدًا أو لبوسًا يفوقُ واقعَها وأسبابَها، وكلُّ ذلكَ بهدفِ التحريضِ الطائفيِّ وإشعالِ الفتنةِ بينَ مكوناتِ الشعبِ السوريِّ الواحدِ، لتقويضِ منجزاتِ الثورةِ السوريةِ، والعودةِ بالتاريخِ إلى الوراءِ.

نقولُ لكم، ولكلِّ مكوناتِ الشعبِ السوريِّ، إنَّ الفرصةَ متاحةٌ الآنَ، والآنَ فقطَ، لتضافرِ كلِّ الجهودِ والعقولِ النيرةِ لإثباتِ وجودِنا على الساحةِ السياسيةِ، ومطالبِنا المحقةِ، ولمنعِ استفرادِ الإسلامِ السياسيِّ وأصحابِ العمائمِ والذقونِ وعلماءِ الشريعةِ بمستقبلِ البلادِ، ولمنعِ صياغةِ الدستورِ والتشريعاتِ والقوانينِ حسبَ أهوائِهم، ودونَ مراعاةِ أسسِ الدولةِ المدنيةِ وتنوعِ مكوناتِ الشعبِ السوريِّ.

ونقولُ لكم إنَّ هناكَ من يتربصُ بنا شرًّا.. من الدولِ الإقليميةِ والدوليةِ. إسرائيلُ لن تقبلَ بدولةٍ ديمقراطيةٍ قويةٍ على حدودِها الشماليةِ. إيرانُ، حكمُ الوليِ الفقيهِ الطائفيِّ، لن تتخلى بسهولةٍ عن خسارتِها للطريقِ الآمنِ في دعمِها لحزبِ اللهِ في لبنانَ، ونفوذِها الإقليميِّ في سوريةَ. تركيا تسعى لنيلِ حصةِ الأسدِ من الكعكةِ السوريةِ. روسيا بوتين لن تستكينَ لخسارةِ وجودِها العسكريِّ في شرقِ المتوسطِ من خلالِ قواعدِها في حميميمَ وطرطوسَ.

ونعودُ ونكررُ لكم إنَّ الفرصةَ متاحةٌ الآنَ لفرضِ وتحقيقِ وجودِنا السياسيِّ والمطلبيِّ، وربما لن تكونَ متاحةً في المستقبلِ القريبِ، بعدَ أن تتمكنَ الفصائلُ المتشددةُ من فرضِ رؤاها وشرائعِها، وتنسفَ حلمَنا وحلمَ جميعِ السوريينَ الذينَ ضحوا في ثورتِهم على نظامِ عصابةِ الأسدِ الفارِّ بكلِّ نفيسٍ وغالٍ، من أجلِ عودةِ سوريةَ لكلِّ السوريينَ، وبناءِ دولةٍ مدنيةٍ ديمقراطيةٍ يسودُها العدلُ والقانونُ.

لذلكَ ندعو شعبَنا بكلِّ مكوناتِه أن يتبينَ الحقيقةَ، وألا يقعَ فريسةَ الشائعاتِ الهادفةِ لزرعِ البلبةِ والفتنةِ الطائفيةِ. وندعو المحرضينَ المغرضينَ، “ذبابَ النظامِ البائدِ”، للكفِّ عن أحلامِكم الطوباويةِ، ووضعِ حدٍّ لدعواتِكم الطائفيةِ، ونشرِ التفرقةِ في صفوفِ الشعبِ الواحدِ، والتي لن تخدمَ سوى أعداءِ الشعبِ والمتربصينَ للانقضاضِ على البلادِ. وأن توحدوا جهودَكم معنا، ومع كلِّ الجهاتِ الوطنيةِ والديمقراطيةِ، للحفاظِ على السلمِ الأهليِّ، والذي بدونه لن يكونَ لسوريةَ أيُّ مستقبلٍ يُذكرُ، سوى عودةِ الحربِ الأهليةِ والاقتتالِ الطائفيِّ. وهنا لا بدَّ أن نوجِّهَ هذه الملاحظةَ، مع أهميتِها القصوى، للرئيسِ أحمدِ الشرعِ، ولحكومةِ تصريفِ الأعمالِ، في كفِّ يدِ الفصائلِ المتطرفةِ، أو ما يُسمى بالأفعالِ الفرديةِ أو الشخصيةِ، عن التجاوزاتِ الإجراميةِ التي مارستْها بحجةِ العدالةِ الانتقاليةِ (والتي هي مطلبُنا جميعًا، لكن حتمًا وحتمًا تحتَ ظلِّ القانونِ في المحاكمِ المختصةِ والعادلةِ، ومراعاةِ حقوقِ الإنسانِ)، ومحاسبةِ المسؤولينَ عليها أيضًا أمامَ القضاءِ العادلِ والمختصِّ، لأنَّ هذه “التجاوزاتِ” تخلُّ بل وتدمرُ في بعضِ الأحيانِ السلمَ الأهليَّ، الذي هو الرافعةُ والسندُ الحقيقيُّ في بناءِ سوريتَنا الجديدةِ.


الكاتب بشر الصوّاف

بشر الصوّاف

صحفي سوري

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة