بيان حول الأحداث الأخيرة في الساحل السوري.. لا حلول أمنية ناجحة بدون مشروع وطني سياسي متكامل

من الواضح أن إيران لن تقبل أن يوقف مشروعها التوسعي في البلدان العربية بهذه السهولة. فبعد فرار المجرم بشار الأسد إلى روسيا بدأت تبحث عن أذرع جديدة في سورية معتمدة على ما تبقى لها من صلات مع مجموعات ضباط وعناصر النظام البائد الموالية لها ومستثمرة في تعاونها السابق مع قسد ومع أصحاب النزعات الانفصالية في الجنوب السوري ومستفيدة من مواقف دول إقليمية لها مصلحة أن تكون سورية دولة فاشلة وممزقة. إن اللعب على الفتنة الطائفية والعرقية يشكل إسفيناً مهدداً وحدة الشعب السوري الذي احتفل فرحاً بسقوط نظام الأسد على عموم الجغرافية السورية. مستغلة ما تولد عن نهج النظام البائد الفئوي والطائفي والمتوحش من أحقاد دفينة وجدت لها أرضية خصبة لدى الكثير من متطرفين منتشرين في أماكن مختلفة من المناطق السورية ومن طوائف عدة.
إن عملية الكمائن التي أُعدت وجُهزت بدقة عالية وراح ضحيتها في البداية العشرات من شهداء الأمن العام في منطقة الساحل السوري، ثم تضاعفت الأعداد مع سير المعارك، أججت مشاعر الغضب في عموم سورية وزكّت أيضاً المشاعر الطائفية ودفعت بالمتطرفين للظهور وللدعوات الجهادية أن تجتاح أكبر محافظات سورية.
اندفاع عشرات الألوف من المقاتلين والمتطوعين نحو الساحل السوري خلق جواً من عدم السيطرة على المناطق المتباعدة وخاصة القرى، وبالتالي الفوضى التي استغلت من أطراف مجهولة وأودت بأرواح المدنيين العزل بدون أي تمييز، عبر مجازر يندى لها الجبين.
هذا ما كانت ترغب به إيران وحلفاؤها بالدرجة الأولى وهو بقاء سورية تحت التدخل الخارجي كما كانت في عهد نظام الأسد. وأن يبقى لهم موطئ قدم ضمن الخريطة السورية. وبالأخص وأن المجتمع الغربي وعلى رأسه أميركا مازال متردداً في فسح المجال للإدارة الجديدة بقيادة البلاد وفق ما ترغب به في بناء سورية جديدة سيدة لقرارها.
إن الشعب السوري ومنذ انطلاق ثورته قدم تضحيات كبرى فاقت المليون شهيد ومئات الآلاف من المعتقلين والمغيبين وملايين المهجرين. والآن وبعد انتصار الثورة بالخلاص من نظام الإجرام الأسدي الذي استمرّ أكثر من خمسة عقود لا مجال لإعادة عقارب الساعة إلى الخلف رغم أخطار تمزيق النسيج الوطني الذي يقوم به المجرمون المرتهنون لأجندات لا وطنية. الدفاع عن الوحدة الوطنية وبناء دولة القانون والمواطنة هو مسؤولية السوريين أجمعين.
وإننا هنا نطالب الإدارة السورية ممثلة بالجيش وقوى الأمن السوريين الرسميين بالقضاء على فلول نظام الإرهاب السابق مع حماية المدنيين العزل. وكذلك إبعاد من ليس تحت أمر الجيش وقوى الأمن عن منطقة النزاع. والقبض على كل من قام بجرائم القتل ضد المدنيين من أي جهة كانت وإخضاعه للمحاكمة. ولا مجال لسفك دماء جديدة وبأيدي السوريين أنفسهم وعلى بعضهم وقد بلغوا حتى الآن المئات، وردّ كل ما تم نهبه من المنازل تحت أي مبرر.
إن الإسراع بإجراءات الحل السياسي للانتقال إلى دولة المؤسسات والقانون بدءاً من اعتماد مبدأ المحاسبة والعدالة الانتقالية أي البدء بمسيرة العدالة، وإصدار مذكرات توقيف بحق مجرمي الحرب الذين كانوا يتبعون لنظام المجرم الهارب، وتشكيل لجنة تحقيق قضائية شاملة ذات ولاية للتحقيق في كل الانتهاكات التي حدثت في الأيام الماضية بحق المدنيين، وتقديم مرتكبي هذه الانتهاكات للعدالة لينالوا جزاءهم العادل. واعتماد ناطق إعلامي رسمي يضع حداً للتشويش في مصادر المعلومات. والانفتاح على الشعب بكل فئاته السياسية والمدنية ومكوناته وإشراكها في صنع القرار والعمل سريعاً على تشكيل حكومة انتقالية تكون بمثابة حكومة وحدة وطنية. كل ذلك يمثل حصانة كبرى لبناء دولة المواطنة وقطع الطريق على كل أشكال التآمر الخارجي.
لن يستمر بناء سورية الحرية والكرامة، سورية كل السوريين إلا بتكاتف أبنائها جميعاً وقص أيادي الغدر الخارجية التي طالما عبثت بحياة السوريين.
الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى وكل التضامن مع أهالي الضحايا المدنيين.
عاشت سورية موحدة
الخزي والعار للقتلة والمجرمين
9 آذار 2025
حزب الشعب الديمقراطي السوري
الهيئة القيادية