تعليقات الدكتور محمود الحمزة على قمة بوتين – أردوغان في سوتشي

img

إن قمّة أردوغان – بوتين جاءت في ظروف حسّاسة، لأن الأوضاع بين البلدين كانت تشهد توتراً في بعض الملفات. لكن العلاقات الثنائية تتطوّر وهي جيدة في التعاون بشكلٍ عام في ملفاتٍ كثيرة، اقتصادية وعسكرية، وفي الطاقة والغاز والأسلحة، والملفات السياسية في سوريا وليبيا وقرا باغ، والسياحة الروسية في تركيا، والاستثمارات في البلدين، كلها ملفات مهمة فيها تعاون كبير.
وهناك قضايا مثل أوكرانيا والقرم، وقره باغ، حيث أخذ الأتراك دوراً كبيراً والروس لا يشعرون بالراحة بسبب هذا الأمر، وعليه، هناك نقاط يمكن اعتبارها خلافية أو إشكالية بين البلدين”.
كما أن الكرملين صرّح أنه بالرغم من تصريحات الرئيس أردوغان حول القرم أنه لا يعترف بضمّها لروسيا، لكنّ هذا لا يؤثر على العلاقات الثنائية.
ويجب النظر إلى قمة سوتشي ضمن هذا الإطار، فقد شهدت اجتماعاً مغلقاً بين أردوغان وبوتين لمدة 3 ساعات، ولم يكن هناك مؤتمرٌ صحفي، لذلك، واضح تماماً أن هناك خطة عرضها الرئيس الروسي على الرئيس أردوغان، وقد يكون الروس والأمريكان متفاهمين على نقاط اقتُرحت في الاجتماع، وقد يكون الأتراك والأمريكان متفاهمين على نقاط معينة.
والخطة طبعاً تشمل الوضع في إدلب، لأن الروس يريدون تطبيق الاتفاقية بشأن إدلب حول جنوب الخط الدوليّ. وقد يتنازل أردوغان عن هذه المنطقة للنظام، بشرط أن تساعده روسيا شرقي شمال سوريا، لأن الاتفاقية الروسية التركية في سوتشي في 2018 كانت تنصّ على أن تنسحب قسد بعمق 30 كلم عن الحدود التركية السورية، ولم يتم ذلك، يعني تركيا لها مطالب شمالي سوريا، وروسيا لها مطالب في إدلب.
أعتقد أن يكون هناك تحقيق صفقة ما، وهذه الصفقة سيكون لها حجم جزئي ومحدود إن لم يكن هناك ضوء أخضر أميركي لفتح الملف بشكلٍ كبير.
وأرى أن هذا الاجتماع كان لبحث خطة معينة، وإلا عن ماذا سيتحدثون مدة ثلاث ساعات؟، وكونه استمر لثلاث ساعات، فمن الواضح أن هناك قضية كبرى وملفاً مهماً وجدياً وحساساً تمت مناقشته، وهو ما ستكشفه الأيام المقبلة.

أعتقد أن القمة ستحل بعض الإشكالات الهامة، ونحن على أبواب صفقة ما، وذلك لعدة أسباب، فقد تطرق تغيرات في الموقف الأمريكي تجاه سوريا مثل انسحاب القوات الأمريكية من مواقعها شمال شرقي البلاد، وقد يكون هناك بعض التفاهمات لاسيما مع حدوث عدة لقاءات أمريكية – روسية بخصوص سوريا بعد قمة بايدين – بوتين، وبالتالي هناك معطيات كثيرة تشير إلى أنه يجب أن تكون هناك تفاهمات قريبة.
وأرجح أن تكون هناك تفاهمات تركية مع واشنطن أيضاً، بخصوص شمال شرقي سوريا، وفي هذه الحالة ستسعى موسكو إلى لعب دور قوي في المنطقة، لما تحظى به المنطقة الشرقية من أهمية معروفة ولاسيما غناها بالثروات النفطية والزراعية، فروسيا ترغب بأن يستعيد النظام السوري السيطرة على المنطقة الغنية، لكي يسد حاجات الشعب السوري على الأقل.
بالنسبة المطالب التركية، أتوقع أن تكون هناك مطالب تجاه روسيا، تتعلق بالدرجة الأولى بإيقاف العمليات العسكرية في إدلب وقد تحدث تفاهمات حول منطقة شمال شرق سوريا والعلاقة بقسد. بينما ستطالب روسيا، بوضع حد لما يجري في إدلب، والتعامل بحزم مع ملفات التنظيمات المصنفة أمنياً، وعلى رأسها النصرة في إدلب وغيرها، وقد تفكر بإعادة المنطقة إلى سيطرة النظام أسوة بالجنوب السوري، نظراً لرغبتها في جعل المناطق السورية كلها هادئة.
أتوقع أن تتوج القمة بإعلان تفاهم معين، خاصة أن هناك ثمة علاقات شخصية متميزة بين الرئيسين التركي والروسي، وستكون قمة ساخنة لأن الطرفين سيحاولان كسب النقاط.
الأوراق التركية ليست قليلة، وليست سهلة فالأتراك يمسكون موسكو من أذنها التي تؤلمها في أوكرانيا وإقليم كاراباخ والقوقاز وآسيا الوسطى والبحر الأسود ومناطق أخرى. وبالنتيجة، سيحاول الروس تجنب التصعيد مع تركيا، فهذا ليس من مصلحتهم، وفي المقابل التصعيد الروسي ليس من صالح تركيا أيضاً، لكن هذه الأخيرة قد تتجه نحو حلفائها الأصليين وشركائها في حلف الناتو. وكان قد صرح الرئيس التركي أنه سيلتقي بوتين يوم 29 سبتمبر/أيلول الجاري، لبحث العلاقات الثنائية وآخر التطورات في محافظة إدلب السورية، وقال في تصريح صحافي: «لقائي مع بوتين سيكون ثنائياً دون وجود شخص ثالث، ولن يقتصر على الأوضاع في إدلب، بل سنناقش عموم الأوضاع في سوريا والخطوات التي سنقدم عليها في هذا البلد والعلاقات الثنائية أيضاً».


الكاتب الدكتور محمود الحمزة

الدكتور محمود الحمزة

أكاديمي وسياسي سوري

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة