سلوك طريق العدالة في محاسبة النظام السوري
السلاح القانوني – الحقوقي هو الطريق الأفضل والمضمون باللغة السياسية – الاقتصادية وهو من الدروب السالكة دولياً.
ويعتبر نقطة ارتكاز قوية في حل القضية السورية واستراتيجية الذهاب نحو العدالة ومحاسبة النظام السوري على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت بحق السوريين منذ آذار 2011، وقد تطال عهد الأسد الأب عن مجازر سجن تدمر عام 1980 ومدينة حماه عام 1982. وهذه هي القضية الجوهرية التي علينا التمسك بها.
بعد أن حظي الملف السوري باهتمام دولي وإقليمي غير مسبوق لجهة محاسبة النظام وعدم الإفلات من العقاب، وحالياً يجري تسخين الملف عبر التأكيد الأممي والإصرار العالمي على جر النظام إلى المحاكم الجنائية الدولية ووضعه.
وما التحركات الأخيرة في مجلس الأمن إلا بداية لصدمات كهرطيسية للنظام ورسائل قاسية لأزلامه وبطانته، في عدم الإفلات من العقاب.
لقد جاءت كلمات كوكبة من النشطاء السوريين في اجتماع دول مجلس الامن (عمر الشغري – المخرجة السينمائية وعد الخطيب – والمحامي إبراهيم العلبي) واضحة وصريحة في حث الدول في مجلس الأمن على معاقبة ومحاكمة النظام السوري على ما ارتكبه من جرائم حرب ضد الإنسانية وعدم الإفلات من العقاب.
كانت كلمات النشطاء بلسماً لجروح وآلام الضحايا ونقطة مضيئة في مساءلة النظام السوري والخروج من النفق المظلم والذهاب إلى ممارسة الفعل في محاسبة زعران وشبيحة الأسد وحاشيته وعناصره وكل من تلوثت يداه في الدم السوري.
إن نشر ملف المساءلة والمحاسبة من جديد أمام العالم، يعني تقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان في سوريا، عاجلاً أم آجلاً، إلى العدالة ما قد يشكل أملاً للضحايا في العدالة والإنصاف ويعني فتح ملف حقوق الإنسان في سوريا مرة أخرى، وفتح النار على نظام وحشي إجرامي كما وصفته وعد الخطيب المخرجة السينمائية في عرضها السريع للجرائم التي ارتكبها نظام الاسد ولانتهاكاته الواقعة على الشعب السوري، وأضافت، إن الاعتداءات المتكررة على المدنيين السوريين هي إحدى التحديات التي تواجه العدالة العالمية.
وطالب الشغري بإجراء تحقيق مستعجل وشفاف حول تلك الجرائم وإحالة الملف للمحاكم الجنائية الدولية والعمل على عدم إفلات النظام من العقاب وليتم محاسبة الجلاد وتحقيق العدالة.
وبذات الجلسة أرسل هؤلاء السوريون، كسفراء للعدالة، رسائل قوية وجدية إلى النظام من أعلى منبر أممي بعدم الإفلات من العقاب وأيضا تحريك الضمير الإنساني العالمي لاتخاذ إجراءات جدية نافذة وفعالة لمعاقبة مرتكبي الانتهاكات بحق الضحايا السوريين.
وفي تلك الجلسة أيضاً طالبت واشنطن عبر ممثلها في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفلدا انشاء آلية قضائية خاصة على غرار محكمة نورمبيرغ لمحاسبة المتورطين بارتكاب جرائم حرب في سوريا منذ آذار 2011، وأضافت مندوبة الولايات المتحدة أن بلادها تدعم بقوة عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة وكذلك كل المنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تعمل على جمع وتوحيد الوثائق وحفظ الأدلة ونذكر بان أغلب الفظائع التي ارتكبها النظام أغلبها موثقة وتقدر بملايين الوثائق وأشرطة فيديو عدا ملف قيصر وتسجيلات صوتية وكلها موثقة لدى منظمات حقوقية أممية تابعة للأمم المتحدة وأيضاً لدى مراكز وأبحاث ودراسات قانونية سورية ودولية.
وقبل هذا اللقاء في مجلس الأمن بأيام انعقد اجتماع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في مقرها في لاهاي – هولندا من أجل تقييم دور النظام السوري وعدم تعاونه مع أعضاء المنظمة ما جعل المجتمع الدولي يتذكر مئات الضحايا من المدنيين الذين ماتوا خنقاً بغاز الساريين في مجزرة غوطة دمشق – دوما في 21 آب 2013 الماثلة أمام العالم، وتعتبر هذه الجريمة كافية لإسقاط هذا النظام المجرم بتفعيل وتطبيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وفقاً للبند السابع والسماح للأمم المتحدة بموجبه استعمال القوة ضد انظمة مارقة مثل النظام السوري وتقديم مرتكبي انتهاكات حقوق الانسان إلى العدالة، وفي جلسة لاهاي تعرضت دمشق وموسكو لانتقادات قوية خلال اجتماع منظمة حظر الأسلحة الكيمائية وأيضاً لضغوط شديدة أثر الاتهامات لها باستعمال أسلحة كيميائية محرمة دولياً ضد السوريين وهذا ما ذكره مدير المنظمة فرناندو ازياس، وقال إن دمشق لم تصرح عن ترسانتها من الأسلحة الكيميائية ولم تسمح لفريق التفتيش الدخول للأراضي السورية.
وهي متهمة تنفيذ هجمات كيمائية بواسطة غازي الساريين والكلور ولم يتخذ النظام السوري أي من التدابير بعدم التكرار.
من هنا يأتي دور الأمم المتحدة في حماية المدنيين والحفاظ على سلامتهم وعدم تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر وأيضاً منع استخدام السلاح الكيماوي المحرم دولياً ومنع تزويد هكذا أنظمة مجرمة بأي سلاح.
بعد هذه الاعترافات الدولية والأممية والموثقة لدى الأمم المتحدة بالانتهاكات الواقعة على السوريين المدنيين لابد من محاسبة النظام ومحاكمته كمجرم ضد الإنسانية. ولابد من تقديم الدعم والمناصرة في مساعدتنا كضحايا لسلوك طريق العدالة وبعدم السماح للمسؤولين عن الجرائم من الهروب والإفلات من العقاب.
فالمساءلة ليست ضرورية فقط لتحقيق العدالة التي طال انتظارها للضحايا وعائلاتهم ولكن نراه شرطاً أساسياً لبناء الثقة لدى السوريين في المجتمع الدولي وأيضاً خطوة مهمة في طريق الحل السياسي في سوريا ومنح القوة في تنفيذ القرارات الدولية 2254 و2118.
إن فتح ملف الانتهاكات قانونياً هو الساحة النشطة والناجحة في حشر النظام في الزاوية الضيقة واعتبارها طلقات الرحمة في جسد الجلاد من جهة، وتكون قوة تعاطف دولي من جهة أخرى.
بعد بروز كل هذه الإدانات الصريحة للنظام على جرائمه، هناك آمال معقودة دولياً لتطبيق مبدأ المحاسبة والمساءلة وأن الملف الإنساني هو المفتاح في المحافل الدولية لعرض مظلوميتنا وما تعرض له مجتمعنا ولمعاقبة النظام لجهة الانتهاكات وقضايا حقوق الإنسان.
لابد من العمل في إطار الشرعة الدولية في دعم ملفنا القانوني والإنساني بعد أن تم اكتمال الملف من وثائق وأدلة ولوجود مدعين وضحايا ومحامين وملفات كاملة في حوزة الأمم المتحدة لملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.
على القوى والمنظمات الحقوقية السورية بالتعاون مع المنظمات القانونية العالمية والتابعة للأمم المتحدة وعلى غرار ما قامت به الدول في مجلس الأمن في جلسته 30 تشرين الثاني 2021 في إنشاء منظمة حقوقية سورية ودولية من محاميين وقضاة مهمتها إنجاز ملفات الانتهاكات التي حدثت بسوريا والضغط على المجتمع الدولي لتقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه المراكز في ملاحقة النظام السوري وتقديمه للعدالة.