العدالة لضحايا الساحل السوري: التزام بالمحاسبة وإنصاف الضحايا

في خطوة غير مسبوقة نحو تحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، أعلنت السلطات الانتقالية التزامها الكامل بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم التي ارتُكبت خلال فترة ملاحقة بقايا النظام السابق، والتي شهدت انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، بما في ذلك أعمال عنف طائفية مدانة. وأكدت السلطات أن هذه الاعتداءات لم تكن موجهة فقط ضد أهلنا في الساحل، بل تعد انتهاكات بحق كل السوريين، وتصنَّف ضمن الجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لعام 1949.
التزام رسمي بالعدالة والمحاسبة
في هذا السياق، أكد رئيس الجمهورية الانتقالية أن العدالة ستطال جميع المتورطين في أعمال العنف، بغض النظر عن قربهم من السلطة، مشدداً على ضرورة محاسبة كل من ارتكب جرائم بحق المدنيين. ويمكن في هذا السياق تشبيه ما قال بقولنا: “حقكم برقبتنا”، كما يردد أصدقاؤنا من حوران.
كما تم الإعلان عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة من قبل الرئاسة، بهدف كشف الحقيقة وتحقيق العدالة للضحايا، حيث ستعمل اللجنة على ملاحقة جميع مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم إلى العدالة. وأفاد الناطق الرسمي باسم اللجنة أن التحقيقات ستركز على الانتهاكات التي وقعت خلال أيام 6 و7 و8 مارس، مؤكداً أن اللجنة ستقدم تقريراً شاملاً حول ما جرى.
آليات تحقيق العدالة: لجنة تقصي الحقائق
تم تشكيل لجنة تقصي الحقائق باعتبارها لجنة نوعية ومهنية، تعتمد آليات العدالة الانتقالية في عملها، بما في ذلك:
- تجميع الأدلة الموثقة حول الجرائم المرتكبة.
- الاستماع إلى شهادات الضحايا وأسرهم.
- التعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية لضمان نزاهة وشفافية التحقيقات.
وفي هذا الإطار، صرّح المحامي ياسر الفرحان، أحد أعضاء اللجنة، قائلاً: “نحن منفتحون على جميع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية وسنتعاون معها لضمان تحقيق العدالة، ولن يكون هناك إفلات من العقاب”، وفق مقابلة له مع موقع سوريا 24.
كما رحب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، بإعلان السلطات السورية تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، مؤكداً على ضرورة المساءلة لضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مستقبلاً.
مصداقية اللجنة واستقلاليتها
تضم لجنة التحقيق خبراء قانونيين متخصصين في القانون الجنائي، ممن مارس بعضهم القضاء في المحاكم السورية، ويتمتعون بالنزاهة والحياد. وأكد أحد المتابعين لأعمال اللجنة: “هذه شهادتي فيهم، وقد تكون مجروحة، باعتباري أعرف أغلب أعضائها عن قرب، ولكنني على ثقة بأنهم أهل لهذه المهمة العظيمة.”
نحو مصالحة وطنية حقيقية
يرى مراقبون أن التأخر في هيكلة الدولة الجديدة سيزيد من الصعوبات التي تواجه المرحلة الانتقالية. ولضمان نجاح الانتقال السياسي، شدد البيان على ضرورة تجريم خطاب الكراهية، ومحاسبة كل من يحرّض على الطائفية والتجييش، إضافة إلى:
- الإسراع في محاكمة أركان النظام السابق بعد القبض عليهم، وفق إجراءات قضائية عادلة.
- إطلاق خطاب وطني جامع يطمئن جميع مكونات المجتمع السوري، ويؤسس لمرحلة جديدة قائمة على العدالة وسيادة القانون.
ختاماً
إن هذه الخطوات، رغم التحديات، تمثل بداية حقيقية لتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا، وتأكيداً على أن سوريا الجديدة لن تتسامح مع مرتكبي الجرائم، وستعمل على إرساء دولة القانون والمواطنة بعيداً عن الطائفية والتمييز.