شرعيتنا الثورية وشرعية السيد أحمد الشرع

لا يزال، وسيبقى على مرِّ التاريخ، أولئك الذين شكَّلوا في بداية انطلاق الثورة السورية العظيمة المشاعلَ الأولى بأجسادهم، أو بحناجرهم، أو بانضمامهم إلى قوافل الشهداء الأولى من أبناء شعبنا.
وكذلك أولئك الذين حملوا لاحقًا عبءَ المواجهة والتحدي لأفظع وأبشع الممارسات التي نفَّذها المجتمع الدولي بحقِّ شعبنا في صياغة مواقفه من الثورة، حيث انكشفت هذه المواقف، معرِّيةً أهدافها، فاضحةً مساعيها في سبيل إجهاض هذه الثورة ووأدها، دون أيِّ اعتبارٍ أخلاقيٍّ لكمِّ الدم الهائل وحجم الدمار المرعب الذي لحق بالشعب والوطن، والانزياح المخجل لمفاهيم حقوق الإنسان وتقرير المصير للشعوب.
سيبقى هؤلاء بالنسبة إلينا، ووفق مختلف معايير انتصار الثورات عبر التاريخ، هم الدلالة الحاسمة التي تقرِّر وتثبت حال انتصار الثورة من عدمه وتحقيق أهدافها.
وسيبقى هؤلاء، بالنسبة لكلِّ ثوريٍّ سوريٍّ، بمثابة البوصلة التي تؤكِّد أو تنفي انتصار الثورة وتحقيق حلم ثوَّارها، وذلك من خلال تموضع قواهم وقوى ممثِّليهم في مشهد السلطة الذي تنتجه الثورة، وهو ما تمَّ إنتاجه لدينا عقب سقوط العميل المجرم الهارب.
إنَّ ارتباط مفهوم انتصار الثورة بامتلاك السلطة السياسية، وبديهيَّة هذا الارتباط في الفكر السياسي الثوري، هو ما يجعلنا نتابع مقارباتنا لحال الثورة الراهن، وملاحظة حيثيَّات ارتسام هذا المشهد السلطوي بفعل الوقائع المستجدَّة في فضاء منطقتنا، والتدخُّلات الدوليَّة المستغلَّة والمستثمرة لشعوبنا، والمآلات التي آلت إليها تضحياتها الاستثنائيَّة في التاريخ المعاصر.
وهذا الأمر يدفعنا إلى إعادة النظر في كلِّ عناصر عملنا الثوري، وتأمُّل المرحلة المستجدَّة وتمفصلاتها، والمطارح التي تُدفع إليها ثورتنا اليوم في ظلِّ شعارات بناء الدولة الموعودة، القائمة على شرعيَّةٍ ثوريَّةٍ لا إجماع عليها حتى الآن.
.إنَّ إدراكنا لطبيعة الدور المُعطِّل الذي يمارسه المجتمع الدولي، الذي أشرنا إليه، يجعلنا متمسِّكين بضرورة تحقيق الشرعيَّة الثوريَّة، التي لا تتحقَّق إلَّا من خلال منح الشعب السوري الثائر، بكامل قواه الثوريَّة وحراكه الثوري، هذه الشرعيَّة لممثِّليه السياسيِّين الحقيقيِّين، الذين يترجمون انتصار ثورته إلى مشهدٍ سياسيٍّ يُعبِّر عن رؤيته الثوريَّة وأهدافها دون نقصانٍ أو تدوير.
وهو ما يجعلنا، كذلك، نناضل بوعي الثائر في سبيل ترسيخ مكتسبات ما تمَّ إنجازه حتى الآن، وهو إنجازٌ لا جدال في أهميَّته وضرورته وحتميَّة لزومه لاستكمال مسار إنتاج دولة الثورة وأحلامها.
واقفين بالمرصاد لكلِّ ما يمكن أن يهدِّد هذا المُنجز ويصيبه في مقتل، ولكلِّ ما يمنعنا عن استكمال الاستحواذ على السلطة السياسيَّة المرتكزة على الشرعيَّة الثوريَّة المكتملة الأركان، والمضيِّ قُدُمًا في سبيل بناء دولة الثورة، دولة الشعب كلِّ الشعب.