الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع العرب
تسبب هذا الكتاب في محنة الشيخ الأزهري وطرده من التدريس أو مزاولة وظائفه كرجل دين، فاعتزل في قريته، وتاب مستنكراً ما كتبه من انتقادات ضد نظام الخلافة معتبرا ذلك من طيش ورعونه الشباب لا غير.
لم تكن الصراعات منذ بداية القرن التاسع عشر حول شكل (الحكم الرشيد) على مستوى الأفكار فقط، بل على الأرض بدأت هذه الدولة التحديثية تتجسد بصورة فعلياً مع دولة محمد علي باشا في مصر، وكذلك دولة التنظيمات (خط همايون، خط كلخانة) في عاصمة الخلافة العثمانية الأستانة، وكذلك في تونس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر مع ما سمي بـ (عهد الأمان)، ومناطق أخرى من العالم الإسلامي. وتحولت هذه الدولة التحديثية واقعا عاما في معظم البلدان العربية والإسلامية التي خضعت للاستعمار. وفي بداية النصف الثاني للقرن العشرين بدأت معظم هذه الدول تنال الاستقلال، وتبدأ بذلك تجربة جديدة لما سمي بـ (دولة ما بعد الاستقلال). حافظت هذه الدولة على قدر ما من الليبرالية السياسية خاصة النظام البرلماني والتعددية الحزبية، وكان من الممكن لتلك التجربة أن تنجب الدولة الوطنية أو الدولة الأمة، والمجتمع المدني، والمواطنة الحرة (وبالخصوص في بلدان مثل مصر والعراق وسورية). لكن السياقات السياسية المضطربة، وصعود التيارات الشعبوية المتلهفة على السلطة، بالخصوص تيارات القومية العربية المطالبة بالوحدة، بالإضافة إلى الإخوان المسلمين، ولا ننسى أيضاً التيارات الماركسية. كل هذه العوامل أدت إلى فشل هذه التجربة الجنينية للدولة الوطنية.
مع بداية الخمسينيات تعرض العالم العربي إلى سلسلة انقلابات من قبل (الضباط الأحرار)، في القاهرة (1952)، بغداد (1958)، دمشق (1963)، صنعاء (1962)، ثم في عقد لاحق في الجزائر العاصمة (1965) وطرابلس الغرب (1969) والخرطوم (1970)، عدن (1970).
لكن، فشل الدولة القومية التي تبنت المنهج الاشتراكي في الاقتصاد كان سريعاً، فقد تعرضت إلى نكسة كبيرة في الخامس من حزيران عام 1967، وكانت نتيجتها فقدان أراضي واسعة، لا زالت بعضها إلى الآن تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر (الجولان السورية) أو غير المباشر (الضفة الغربية)، ومنذ عام 1967 عاشت هذه الدولة القومية في أزمات مستمرة، سياسية واجتماعية، وانتهت بثورات الربيع العربي عام 2011.
في ظل الانهيارات الكبيرة للسلطات القائمة بالأمر الواقع في بلدان الربيع العربي، والصعوبات التي واجهت المعارضات المسلحة التي كانت في معظمها تحت هيمنة الإسلاميين والإسلامويين أيديولوجياً وعسكرياً، استغلت المجموعات الجهادية السلفية هذا الفراغ لكي تفرض أجنداتها الخاصة التي هي بعيدة أميال ضوئية عن المحرك الأساسي لخروج الناس تحت وابل الرصاص طلبا للحرية والكرامة.
في ظل هذه الظروف القيامية كانت عودة الخلافة عام 2014 مع الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام مع أبو بكر البغدادي، عادت لتفتح نقاشا كان قد استقر لصالح (الدولة القطرية)، لقد تمّ نكأ الجرح القديم الذي فتحه الشيخ محمد رشيد رضا نظرياً، والإخوان المسلمين سياسيا عام 1928.
هذه العودة على يد داعش أو الدولة الإسلامية للعراق وبلاد الشام عودة تدل على استمرار وجود ضبابية تامة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر عن مسألة الخلافة، فـ «هذه القضايا لم يتم تقديم إجابات حاسمة من الناحية المعرفية علي أي منها، أي إجابات تتحول إلي مسلمات تستقر في وعي الأمة ووجدانها، ثم تحدد بعد ذلك سلوكيات أفرادها، ويكون هناك وضوح واتساق ما بين الأطر الفقهية بما تشتمل عليه من أحكام وفتاوي من جانب، والأطر الاجتماعية والثقافية بما تتضمنه من قيم ومعايير وأعراف من جانب آخر، ومن ثم يكون هناك مجتمع مستقر واضح المعايير والأعراف والقيم»[6].
وأحد الأسباب الرئيسة في استمرارية الضبابية في الفكر الإسلامي المعاصر في مسألة الخلافة الإسلامية، وما يرتد على ذلك من عدم وضوح الموقف من مسألة الدولة الوطنية، حتى في مستوى مؤسسة الأزهر – التي لم يحسم المسؤولين الدينيين عن هذه المؤسسة موقفهم سوى في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011 في وثيقة الأزهر الشهيرة حول مستقبل مصر الصادرة في 19 يونيو/حزيران 2011 – هو غياب أو ضعف مظاهر الحداثة في التجارب السياسية الحديثة والمعاصرة من دولة محمد علي إلى الدولة القومية الشعبوية.
إن الحداثة لم تكن سوى عمليات تحديث فقط، لم يكن هناك حداثة فعلية سوى في السنوات القليلة التي حكمت فيها الليبرالية البرلمانية في مصر والعراق وسورية، في ظل الاستعمار، وفي فترة ما بعد الاستقلال القصيرة. لقد كان المشروع المطروح منذ دولة محمد علي إلى الدولة القومية الشعبوية مشروعاً تحديثياً، يعني نأخذ أو نأتي بالأدوات والاجراءات والنظم (القضاء، المدارس، الجامعات، البيروقراطية الإدارية إلخ إلخ) من الغرب، ونزرعها في مجتمعاتنا، أي نأخذ ثمرات ومنتجات الحداثة التي يصنعها الغرب ثم نستخدمها اجرائياً، دوناً عن المنهجيات الفكرية والفلسفية التي أدت الى الخلق والابتكار الذي يقبع خلف هذه المنتجات النهائية للعقل الإنساني. هذا كل ما فعلناه منذ 200 عام، منذ انطلاق عمليات التحديث في بلادنا، أي مع دولة محمد علي باشا التحديثية في مصر، والتنظيمات العثمانية، التي بدأت مع خط كالخانة عام 1839، أول عملية تحديث جرت في السلطنة على يد السلطان عبد الحميد الأول ونص على احترام الدولة لحق الحياة والملكية الفردية لكل مواطني السلطنة، وتبعه خط همايوني عام 1856 وأصدره السلطان عبد المجيد الأول.
إذن، هي حداثة برانية أو شكلية وظاهرية، كما يطلق عليها المفكر المصري الراحل علي مبروك (توفي عام 2016)، في مقابل الحداثة الجوانية والتي تعني أولاً وأخيراً، حداثة الفكر والسياسة وأشكال التدين، أي إعمال العقل في كل أشكال النظم والمؤسسات الاجتماعية.
هذا الفشل العربي والإسلامي في الاستجابة إلى عرض الحداثة، والذي أصبح أفق العالم مع بداية القرن التاسع عشر، وتشويه هذا العرض الحضاري إلى مجرد التحديث البراني شكّل العامل الأساسي لعودة الإحيائية الإسلامية في شكلها الارتكاسي في جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في الإسماعيلية عام 1928 على يد الشيخ حسن البنا الذي تربى على كتابات مجلة المنار التي أسسها رشيد رضا الذي تحوّل فيما بعد من الإصلاحية الإسلامية التنويرية عند أستاذه الشيخ محمد عبده إلى السلفية، ومن ثم إلى النسخة الأكثر راديكالية منها، ونعني بها الوهابية.
لقد شكل التحول من الإصلاحية الإسلامية إلى الإحيائية الإسلامية نكوصاً كبيراً في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر.
كانت البدايات الأولى لتيار الإصلاحية الإسلامية في القرن التاسع عشر بعد الحملة الفرنسية على مصر، وبدايات المد الاستعماري في العالم العربي والإسلامي. لقد اختلف فكر المصلحين الإسلاميين عن أسلافهم في العصر الوسيط في الاعتراف بواقعة (التأخر) في العالم الإسلامي، ولجوؤهم لـ (الآخر) أو (الغير) مقتبسين، ومحاورين لمبدئه في إدارة وتدبير المجتمع والسياسة. ويمكن أن نذكر بعض هؤلاء الأعلام: عبد الرحمن الجبرتي (1753-1822) صاحب موسوعة عجائب الآثار في التراجم والأخبار، والشيخ حسن العطار (1766-1835)، وتلميذه رفاعة رافع الطهطاوي (1801-1873) صاحب كتاب تلخيص الإبريز في تلخيص باريز، وخير الدين التونسي (1820-1888) صاحب أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، وأحمد بن أبي الضياف (1802-1874) صاحب كتاب إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان.
كانت هذه الدفعة الأولى من المصلحين الإسلاميين، ثم تلتها الدفعة الثانية في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، والذين شكلوا تيار الإصلاحية الإسلامية، وأهم أعلامه جمال الدين الأفغاني (1838-1897)، والشيخ محمد عبده (1849-1905)، والشيخ محمد رشيد رضا (1865-1935) في مرحلته الأولى قبل أن يتحول من الإصلاحية الإسلامية إلى الإصلاحية الإحيائية، والأمير شكيب أرسلان (1869-1949) صاحب كتاب لماذا تأخر المسلمون؟ ولماذا تقدم غيرهم؟.
ومن الجيل الثالث، هناك عبد الحميد باديس (1889-1940) من الجزائر، وعلال الفاسي (1910-1974) من المغرب. وقد استأنفوا أفكار الأفغاني وعبده في الغرب الإسلامي بعد أن توقفت تقريباً عن العطاء في المشرق العربي.
كان الفكر السياسي الإسلامي المعاصر مع الإصلاحية الإسلامية قريب من قبول (الدولة الوطنية)، والتفاعل معها، وقد عمل الإصلاحيون على التوفيق بين نظام (الدولة الوطنية) وفلسفتها وبين أصول الإسلام في تنظيم السياسة والمجتمع.
وقد طالب الإصلاحيون الإسلاميون بتقييد السلطة أو المشروطية[7]. وعادوا إلى فلسفة المقاصد وإلى ما كتبه على الأخص واضع هذا العلم الإمام الشاطبي في كتابه (الموافقات)، والذي لقي من جانبهم اهتماماً خاصاً. وكان الشيخ محمد عبده ينصح تلاميذه بدراسة كتاب (الموافقات). وقد سمحت لهم مقاصد الشريعة في حل العديد من المشكلات التي طرحها العصر الجديد على المسلمين عن طريق تأويل النص الديني بناء على مقتضيات ظروف متغيّرة، وعدم الوقوف على حرفية النص، أو اتباع فهم لعصر سابق.
ولكن لم يقبل تيار الإصلاحية الإسلامية بمفهوم (السيادة) في مسألة التشريع، وها هو علال الفاسي المغربي من المتأخرين في التيار الإصلاحي بالنسبة للأفغاني وعبده والكواكبي يقول: «إنّ الشريعة الإسلامية إلهية بالأساس ليست بوضعية كسائر القوانين التشريعية القديمة أو المعاصرة؛ ولذلك لا يمكن أن يعتبر التشريع بمعناه الحديث مصدراً من مصادرها، لا في زمن تكوينها الأول ولا في مراحل تطوراتها»، ولكنه يضيف الفاسي قائلا: «ولكن الشارع وضع أسساً لإشراك المسلمين في التشريع عن طريق الاجتهاد»[8].
إذن، إنّ السيادة الحقيقية للشريعة، بينما السيادة العملية فهي مستمدة من الشعب باعتباره هو الذي يعني في عصرنا الحالي أهل الحل والعقد في الأمة.
هذا كان موقف الإصلاحية الإسلامية التي تعاملت بمرونة مع مؤسسات الدول الوطنية الحديثة التي بدأت بالتشكل منذ بداية القرن التاسع عشر مع دولة محمد علي باشا في مصر.
بينما سيكون تيار الإحيائية الإسلامية منعرج حاسم في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، اختلف جذريا عن منطق الإصلاحية الإسلامية التي سار عليها دعاتها منذ القرن الماضي.
وفي داخل تيار الإحيائية الإسلامية تشكلت (الحاكمية) الإلهية عند المودودي وسيد قطب والحركات التكفيرية، وشكلت قطيعة تامة مع (الدولة الوطنية)، ومؤسساتها، وفي سياق هذا التحوّل الراديكالي حدث الصدام العنيف بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام الناصري في مصر، وبين الجماعة الإسلامية والنظام الباكستاني.
وسوف يمر سنوات طويلة قبل أن تبدأ المراجعات لما حدث في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولتنطلق مرحلة جديدة في الفكر الإسلامي السياسي المعاصر.
أولاً: مقدمات نظرية
1- نتحدث هنا حصريا عن الفكر السياسي الإسلامي السني، وليس الفكر السياسي الشيعي الذي فيه أعلام فكرية معروفة من خارج السلطة الدينية الرسمية، مثل: علي شريعتي، عبد الكريم سروش صاحب مفهوم القبض والبسط في الشريعة، وعلي فياض من لبنان وآخرون، بالإضافة إلى من يكتبون من رجال الدين الشيعة، وهم كثيرون، وأشهرهم آية الله الخميني وكتابه المعروف الحكومة الإسلامية (1969)، الذي يدور حول نظرية ولاية الفقيه. علماً بأن المسألة الخلافية الأولى بين السنة والشيعة هي المسألة السياسية، أي في مسألة الإمامة، حيث يعتبرها فقهاء السنة في العصر الإسلامي الكلاسيكي مسألة فقهية فرعية، وهي تقوم بالاختيار؛ بينما هي مسألة ركنية وعقدية وتقوم بالنص والوصية عند الشيعة.
يقول د. علي فياض في هذا الخصوص: «إن السياسة المتحررة من الديني أطلت برأسها باكرا»، ويضيف قائلا: «النتيجة التي خرجت فيها السقيفة، هي غلبة منطق الاختيار، وفيما بعد التوازنات القبلية»[9].
هذا هو التفسير الأقرب لرأي التيار الشيعي اليوم لما حدث في سقيفة بني ساعدة غداة وفاة الرسول. باختصار، نحن أم الصبي، أي الولاية هي بالنص والوصية لعلي بن أبي طالب، وهي ستستمر في هذه السلسلة من آل البيت، وقريش القبيلة خطفت الخلافة وحولتها فيما بعد إلى ملك عضوض مع معاوية بن أبي سفيان.
2- ما هو الفكر السياسي الإسلامي المعاصر؟ يعرف المفكر الإسلامي المغربي امحمد جبرون الفكر السياسي الإسلامي أو الفقه السياسي بأنه: «حصيلة التفكير الواعي والعقلاني للمسلمين في مسألتي السلطة السياسية “الشرعية”، والمؤسسة السياسية “الدولة”»[10].
يقوم هذا الفرع من علوم الفقه الإسلامية أولاً على القول بوجود صلة بين الإسلام والسياسة، بين الإسلام والدولة، بين الإسلام والتشريعات، بين الإسلام والاقتصاد إلخ، أي القول بأن الإسلام دين شمولي، وليس فقط دينا يعتني بالروح ومآلاتها الما بعد ورائية (أي العبادات والمعاد)، يقول رشيد رضا في المنار:
«مَن تدبر ما شرحناه من معاني هذه الكلمات الأربع (الدين، الدولة، السلطنة، الخلافة) يتجلى لنا أن الدين الإسلامي جامع لمصالح المعاش والمعاد، ومبني على أساس السلطتين الزمنية والروحية، وأن الديانة النصرانية على خلاف ذلك، وأن الخليفة هو رئيس المسلمين القائم على مصالحهم الدينية والدنيوية، وأن كل حكومة تخرج عن طاعته الشرعية فهي منحرفة عن صراط الإسلام، وأن القول بفصل الحكومة والدولة عن الدين هو قول بوجوب محو السلطة الإسلامية من الكون، ونسخ الشريعة الإسلامية من الوجود، وخضوع المسلمين إلى من ليس على صراط دينهم ممن يسمونهم فاسقين وظالمين وكافرين».
يعني لا يخرج رضا عن تعريف الماوردي وابن خلدون للخلافة على انها حارسة الدين.
ثم يزيد في القول:
«ومعلوم أن المسلمين لا يعتقدون بحق ولا واجب إلا إذا كان مبينًا في شريعتهم ومأخوذًا من أصول دينهم، فإذا فصل بين الدين والدولة كان جميع ما تكلفهم به الدولة من الحقوق والواجبات غير واجب الاتباع في اعتقادهم، فإذا أخذوا به في العلانية لا يأخذون به في السر، ولا يتم تهذيب الأمة ما لم يكن الوازع لها عن الشر والحامل لها على الخير ثابتًا في سننها مقررًا في اعتقادها»[11].
(هكذا برّر بعضهم من الفقهاء الفساد ونهب الدولة القائمة على غير الحق).
يشرح رضا تماما الضياع الذي سيشعر به لاحقا مع إلغاء الخلافة الإسلامية عام 1924.
ويقوم ثانياً، على وجود تيارات متعددة ومتصارعة داخل هذا المجال العلمي أي الفقه السياسي، بمعنى آخر، أنّ الصراع في الساحة السياسية لا يقتصر فقط على الصراع بين الإسلاميين وغير الإسلاميين، بل بين الإسلاميين أنفسهم، وهذا الأمر جديد في التاريخ الإسلامي، حيث شهدنا فقط صراع المذاهب والفرق في العصر الوسيط.
3- الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، أين يبدأ، وأين ينتهي؟ ومتى ينتهي؟
يقع الفكر السياسي الإسلامي المعاصر اليوم بين حدين طرفيين، الحد الأول هو الجماعات السلفية الجهادية التي تريد إقامة الخلافة بالعنف، وتكفر كل من لا يعتبر الخلافة جزءا من أركان الدين أو من العقائد، وهي أصبحت تيارات هامشية وضعيفة القاعدة الشعبية منذ 2014، مع عودة الخلافة الإسلامية بزعامة أبو بكر البغدادي، وما ارتكبته من فظائع وانتهاكات لا يمكن تصورها. والطرف الحدي الآخر هي التيارات الإسلامية الجديدة الواعدة التي تقول بالحاكمية القيمية أو الحاكمية المصلحية أو بأمهات القيم السياسية في القرآن والسنة. وبين هاذين الحدين، يوجد بالخصوص اليوم أصحاب الدولة المدنية بالمرجعية الإسلامية. ويمكن القول، إنّ التيارين الرئيسيين على الساحة في هذا المجال هما تيار الدولة المدنية عند الإسلاميين (وهو يضم اتجاهات متعددة تختلف بمدى قربها أو بعدها من الدولة الحديثة)، والتيارات التجديدية الجديدة، والتي بدأت تأخذ حضورا قويا، وبالخصوص في الساحة الفكرية.
متى ينتهي الفكر السياسي الإسلامي؟ هل للفكر السياسي الإسلامي من نهاية كما انتهى اللاهوت السياسي في الكنيسة الكاثوليكية؟ السؤال مشروع طالما هو يطرح بالنسبة للإسلام السياسي أحد أبرز تيارات الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، وعندنا بعض الأجوبة في هذا المجال، أقتصر على جوابين اثنين، عند الفرنسي أوليفييه روا كان قد تنبأ بـ (فشل الإسلام السياسي)، ونهايته[12]، وكثيرين قالوا بما بعد الإسلاموية (وأشهرهم آصف بيات، متخصص بالإسلاميات من أصول إيرانية، ويعلم في الجامعة الأمريكية في القاهرة)[13]، المفهوم الذي بقي غامضا، لكن منذ سنوات توقف الحديث عنه. إذن، لا يمكن التنبؤ في هذا المجال، يبقى السؤال من الأسئلة المشروعة في الفلسفة السياسية، طالما أن التاريخ يعطينا أمثلة على أفول اللاهوت السياسي المسيحي في الغرب. قد يستمر الفقه السياسي المعاصر طالما هو في حالة اجتهاد دائم، وتتحوّل كياناته الاعتبارية أي الأحزاب الإسلامية نحو مزيد من الانفتاح والاقتراب من التيارات الحداثية أو سوف تتطور هذه الأحزاب إلى أحزاب محافظة (من دون مرجعية إسلامية، وتعبّر عن حساسيتها تجاه أخطار الحداثة الفائقة على الهوية الثقافية المسلمة لمجتمعاتها)، وهي مطلوبة جدا للساحة السياسية في عالم عربي وإسلامي يحاول بصعوبة التوجه نحو الديموقراطية والمجتمعات المدنية. على العموم الفكر نادرا ما يموت، بل قد يفقد تأثيره في الواقع، وأي فكر أو نزعة فكرية لها تاريخ، وبالتالي ستفقد تأثيرها بفشل تطبيقاتها العملية في الواقع، مثل الشيوعية في التراث السياسي القريب. ولكن، هل انتهى الفكر الشيوعي في أوروبا بعد سقوط المعسكر الشرقي؟ انتهى تأثيره، وفقد فعاليته، السائد الجديد طغى عليه اليوم، ولكن هناك مجموعات كثيرة ما زالت تتبنى الطروحات الماركسية. وبالطبع، يمكن للفقه السياسي الإسلامي المعاصر أن ينتهي كما انتهى الفكر السياسي المسيحي في الغرب – وإن كان كظاهرة لا يمكن مقارنتها بقوة واتساع ظاهرة الفكر السياسي الإسلامي المعاصر وتجلياته في الحركات السياسية – عندما يصبح المطالبين بوجوب وجود علاقة بين الدولة والإسلام أقلية صغيرة غير مؤثرة في الوسط السياسي. أما متى ينتهي لدى مفكر إسلامي سياسي ما؟ ينتهي في اللحظة التي يبدأ فيها بقبول وجود تمايز بين الدولة والدين، وبين السياسة والدين، أي الموقف المؤيد للعلمانية المنفتحة (أو العلمانية الهادئة أو الرخوة أو المرنة)، يبقى حينئذ الدين ثقافة الأغلبية لجماعة ما، هذا يفترض عطلة أسبوعية في يوم محدّد (الجمعة عند المسلمين)، وكذلك عطل رسمية في الأعياد، وتبني الدولة الإشراف على بعض دور العبادة الإسلامية المصنفة كتراث وطني، وأمور أخرى يتم التفاوض عليها بين السيادة الشعبية والسلطة الدينية.
4- الفقه السياسي بين النص والتاريخ
هل للنصوص الدينية مجالات فعاليتها الخاصة؟ وأن ثمة مجالات أخرى لا تخضع لها، بل لفاعلية العقل البشري والخبرة والممارسة والتجربة، ومنها السياسة؟ انظر مثلاً حديث تأبير النخل، ومقولة أنتم أعلم بشؤون دنياكم، وكذلك عبارة الإسلام: دين ودنيا.
هل النبي كحاكم للمدينة (أو للدولة الإسلامية الأولى بالنسبة للكثيرين)، هو حاكم مدني أو يحكم باسم الحق الإلهي للملوك؟
وهل كانت تصرفاته لإدارة الشأن العام للمسلمين محكومة بالوحي أم بالخبرة والعقل والتجربة؟
وعلى افتراض أنه كان حاكما مدنيا في المدينة، هل حكم عمله مبادئ عامة غير تفصيلية موجودة في النص القرآني؟
كل هذه الأسئلة بدأ الفكر الإسلامي السياسي بطرحها منذ قرنين مع صدمة وتحدي الحداثة، وظهور الفكر الإصلاحي الإسلامي (الأفغاني، عبده، الكواكبي، قاسم أمين وغيرهم).
ومن المعروف أن النص القرآني ليس فيه أي شروح لكيفية بناء النظام السياسي غير آيتي الشورى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)، سورة الشورى، رقم 38.
وكذلك، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، سورة عمران، 159.
وبعضهم يزيد آية ثالثة، هي في سورة البقرة 233، لورود كلمة (التشاور) فيها فقط.
يقول الشيخ والباحث الإسلامي أحمد الريسوني: «الشرع، لم يضع نمطاً محدداً، ولا تفاصيل محددة لشكل الدولة. وفي نفس الوقت، لسنا مع ما قاله الشيخ علي عبد الرازق في كتابه الإسلام وأصول الحكم (1925)، هذه الخلافة لا أصل لها، لا في القرآن ولا في الحديث، ولا حتى حصل يوما عليها الإجماع، والنبي لم يقم لا دولة ولا حكما، هذه كلها مزاعم لا أساس لها من الصحة. الحكم لا بدّ منه، والسياسة أيضا، شرعا وليس فقط عقلا أو ضرورة وعمرانا، لكن هناك قواعد ومبادئ في هذا المجال… المبدأ الأول، وأمرهم شورى بينهم، هذه قاعدة كبيرة، كما قال القاضي عبد الحق ابن عطية صاحب المحرر الوجيز في الكتاب العزيز، الشورى من قواعد الإسلام وعزائم الأحكام. هذه أول قاعدة في الحكم، وهي أن يكون الحكم شورى، ابتداءً وسيراً وانتهاءً، نبدأ بالشورى، ونسير بالشورى، ونظل بالشورى، هذه هي القاعدة الكبرى»[14].
إذن، يمكن استخلاص القيمة السياسية الكبرى الأولى من القراءة المجملة والمقاصدية للنص القرآني، وهي الشورى، والبعض يماهيها بالديموقراطية، ولكن ذلك في محاولة مستميتة لتأصيل كامل للنظام الديموقراطي تقوم على مغالطة أو مفارقة تاريخية، ولكن الشورى كقيمة تشير إلى ضرورة وجود مجلس شورى منتخب، هو اليوم يسمى بالمجلس النيابي أو مجلس الشعب أو البرلمان أو الجمعية الوطنية، هذا تأويل ممكن.
نتذكر، أن الجمعية الوطنية في تركيا عام 1924 هي التي حلت مكان (الأمة) بالمفهوم الديني، وألغت بالتالي وظيفة الخلافة، فإرادة الأمة أصبحت في الجمعية الوطنية، هكذا شرعوا إلغاء الخلافة دينيا في تركيا الكمالية.
وأما الخبرة التاريخية، فيقول مؤلف العقيدة والسياسة: «إنّ المعطيات التاريخية للخبرة الإنسانية هي مصدر مكمل لنصوص الوحي، المصدر الأول للتنظير السياسي»[15]، للدولة الإسلامية أو لإسلامية الدولة. والقيمة السياسية الكبرى المستخلصة من التاريخ الإسلامي في مرحلة الخلافة الراشدة فهي (نظام البيعة)، والتي يمكن القول بأنها شكل بدائي جدا من الانتخابات بالمقارنة مع النظام الديموقراطي الحديث. بالإضافة إلى ذلك، هي لم تحدث بطريقة واحدة، ولم تتمأسس أبداً خلال قرون عديدة من تاريخ الخلافة الإسلامية. وقد تلت فترة الخلافة الراشدة اعتبارا من خلافة معاوية ولاية المتغلب والتوريث، وقد شرّعها أغلب الفقهاء خوفا من الفتنة (أي الحرب الأهلية في المصطلحات الحديثة للفكر السياسي).
باختصار، يرجع كل المفكرون الإسلاميون المعاصرون لنصوص الوحي والتجربة التاريخية للمسلمين في تجديد الأفكار السياسية لبناء الدولة الإسلامية في الواقع المعاصر. يقول لؤي صافي في كتابه العقيدة والسياسة إنّ: «قيام مؤسسات سياسية إسلامية تتلاءم ومعطيات الحياة المعاصرة، يتطلب بناء نظرية عامة للدولة الإسلامية. وهذا يحتاج إلى منهج علمي مناسب. إنّ منهج البحث العلمي الذي سنعكف في الصفحات التالية على إظهاره وتحديد أسسه وآلياته، ينطلق من نفس المنطلقات التي اعتمدها علماء السياسة المتقدمون، وبالتحديد نصوص الوحي والتجربة التاريخية للأمة»[16].
ثانياً: الإطار الزمني والفكري لمحاضرة الفكر السياسي الإسلامي منذ عصر النهضة حتة ثورات الربيع العربي
في الإطار الزمني، هناك حوالي قرن ونصف من تقلبات الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، اعتبارا من الربع الأخير أو الثلث الأخير من القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا. وهي تقلبات تراوحت بين الصعود والهبوط، ورافقتها أزمات كبرى داخلية دفعت نحو إعادة النظر، وتجديد بعض المفاهيم، والتخلي عن أخرى، والخط العام في المحصلة هو خط تصاعدي، ولكنه بطيء بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي تواجه العالم العربي والإسلامي على المستويات كافة.
نقصد خط تصاعدي على مجمل الفترة من الجامعة الإسلامية عند الأفغاني إلى التيارات التجديدية في سياق ثورات الربيع العربي، وليس على مرحلة عصر النهضة، على العكس في عصر النهضة حصل صعود كبير ثم هبوط كبير من الإصلاحية الدينية برموزها الأربعة نحو الإحيائية الدينية.
الإطار الفكري، البداية ستكون مع الشيخ جمال الدين الأفغاني (1889-1897). ففي الربع الأخير من القرن التاسع عشر ظهر الأفغاني كمصلح ومجدّد ديني، وكان منخرطاّ بقوة في السياسة مع الدخول الاستعماري إلى المنطقة العربية والإسلامية. ويمكن القول، بحسب الكثير من المؤرخين لتلك الفترة على العموم، ولفكر الأفغاني على الخصوص، أنّ هذا الأخير كان أحد الملهمين الأساسيين لحركات الإسلام السياسي ولفئة الإسلاميين عموماً، وإنْ كان الأفغاني لم يكن في حالة رد الفعل على الحداثة الأوروبية كما هو الحال مع الإخوان المسلمين، بل بالأخذ بالكثير من مكاسبها، لتحقيق نهضة العالم الإسلامي على أساس ديني.
هناك قطيعة على مستوى المنهج والتفكير والأهداف بين الأفغاني والحركات الإسلامية الإحيائية، وأهمها جماعة الإخوان المسلمين، فالشيء الوحيد المشترك بينهم هو الانخراط السياسي (الثوري) لتغيير المشهد القائم.
طرح الأفغاني فكرة الجامعة الإسلامية لمعالجة ضعف وبداية تفكك السلطنة والخلافة العثمانية. ولقد هيمنت هذه الأطروحة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر في تلك الفترة، وكانت البداية لإعادة النظر في هذا الفكر الذي وصل إلينا من العصر الإسلامي الوسيط، والذي هيمن عليه الاستكانة للحاكم المسلم المتغلب، ودرء الفتنة، واعتبار الخلافة حارسة للدين بحسب الماوردي صاحب الأحكام السلطانية.
أما في الطرف الآخر المتزامن أو المتعاصر مع ما نعيشه اليوم، فقد ظهرت تيارات جديدة واعدة في الفكر السياسي الإسلامي، أهمها أطروحة الديموقراطية الإسلامية عند الدكتور محمد المختار الشنقيطي من موريتانيا[17]، وأطروحة الحاكمية القيمية عند الدكتور امحمد جبرون من المغرب[18]، وأخيراً فكرة الحاكمية المصلحية عند المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز (وهي أطروحة ما زالت قيد الاشتغال)[19]، وهناك آراء لباحثين سوريين لها أهميتها في هذا الشأن مثل لؤي صافي[20] وعبد الرحمن الحاج[21] وحذيفة عكاش. وتشترك الأطروحات الثلاث الرئيسة (الشنقيطي وجبرون وبلقزيز) في فكرة واحدة هي البحث عن إسلامية الدولة لا في تجربة الخلافة الراشدة، ولا أيضاً في تطبيق الشريعة الإسلامية، بل في التوجه مباشرة نحو النصوص الدينية (القرآن والسنة)، وقراءتها قراءة مقاصدية، لاكتشاف القيم السياسية الإسلامية العليا فيها.
يقول حذيفة عكاش عن المشروع الإسلامي أنه: «لا يوجد له ملامح تفصيلية، فقط هناك عناوين كبرى ومبادئ عامة، كالحرية والعدالة وتحقق الازدهار والنمو الاقتصادي واحترام الخصوصية.. إن الإسلام باختصار، جاء بمبادئ وأحكام عامة في الدول»، وعن الدولة الوطنية يقول بأن الإسلاميين يقبلون بها إذا حققت هذه المبادئ العامة، وهي خطوة كبيرة من الباحث لتجاوز الثنائية (المانوية) بين الإسلاميين/والعلمانيين[22].
وبين هذين الحدين الزمنيين والفكريين، مرت على الفكر السياسي الإسلامي المعاصر تيارات متعددة ومختلفة في طرحها السياسي، من إصلاحية محمد عبده التي ركزت عموما على التربية والإصلاح الديني للفكر الإسلامي ولمؤسسة الأزهر، إلى تيار استعادة الخلافة مع محمد رشيد رضا تلميذ محمد عبده في سياق الصراع السياسي بين الأمير عبد العزيز آل سعود (1932-1953) والملك فؤاد الأول (1917-1936) على الخلافة، ومن ثم مع حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين، وحاكمية الشريعة وتكفير الحاكم مع المودودي وسيد قطب، وأخيرا تيار الدولة المدنية بالمرجعية الإسلامية.
مع بداية القرن الواحد والعشرين، سوف تحدث هذه الثورة الحقيقية (الصغرى) في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر في سياق ثورات الربيع العربي وفشل الحركات الإسلامية في تدبير الوقائع الجديدة، ونقول صغرى، كونها ما زالت في دائرة صغيرة من المفكرين الدارسين للشأن السياسي في الإسلام، أو بصورة عامة المختصين بالإسلاميات. ولا بدّ من التنويه، بأنّ الفقه السياسي والفلسفة السياسية لأهل السنة في العصر الوسيط قد تأثرا بعمل الصحابة في صدر الإسلام قبل أن يتأثرا بالنصوص الدينية (النص القرآني ونص الحديث النبوي). والثورة الصغيرة – التي نأمل أن تتحوّل إلى الثورة الكبرى لدى جميع من يشتغلون على هذا الفرع من الفقه الإسلامي – حدثت مع الشنقيطي ومحمد جبرون وعبد الإله بلقزيز، هي في الرجوع إلى النصوص الدينية في الإسلام واستخلاص القيم السياسية الإسلامية الكبرى الموجهة للعمل السياسي ولما يسمى بـ إسلامية الدولة.
لقد ساهم هؤلاء في تحريك المياه الراكدة في حقل الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، وكانت لهم اجتهاداتهم المقبولة والتي تحظى بالمصداقية والقبول من قبل عدد من الشباب (الإسلامي) الذي يتطلع إلى نوع من التوافق بين الواقع الحداثي المعاصر له، وممارسته لتديّنه.
ويمكن القول، بأن الفكر السياسي الإسلامي المعاصر قد مرّ خلال هذه الفترة الطويلة بعدة أزمات كبرى[23]:
الأزمة الأولى حدثت مع المودودي وسيد قطب، وأدت إلى الصراع العنيف مع الأنظمة السياسية القائمة، والحملة الوحشية التي تعرض لها الإخوان المسلمون في مصر عام 1954 و1965، بينما الصدام في باكستان كان أقل حدة بسبب وجود هوامش من الحرية في النظام الباكستاني منذ نشأته عام 1947، وأيضاً بسبب مرونة المودودي في الممارسة السياسية على عكس تصلب سيد قطب التي تعكس مثاليته وضعف خبرته بالشأن السياسي. أحدثت هذه الأزمة داخل حركة الإخوان بعد سنوات من إعدام سيد قطب وبالخصوص بعد قيام تنظيم شكري مصطفى وعملية خطف وإعدام وزير الأوقاف المصري الشيخ الذهبي، حركة مراجعات كبرى كانت من أهم نتائجها هي إدانة ورفض كل أعمال العنف السياسي والانخراط في العمل السياسي حين تسنح الفرصة لذلك في بلد إسلامي ما.
الأزمة الثانية التي واجهت الفكر السياسي الإسلامي (والفكر السياسي عموما في العالم العربي والإسلامي) ستحدث مع انهيار جدار برلين وسقوط المعسكر الاشتراكي عام 1989 وانهيار وتفكك الاتحاد السوفياتي عام 1991، والتي كانت من أهم نتائجها ظهور فكرة الدولة المدنية عند الإسلاميين، تلبية المطالب الديموقراطية المتزايدة في العالم العربي والإسلامي، وكذلك المطالبات بضرورة زيادة مشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية، ونيلها حقوقها بالمساواة مع الرجل، وحقوق الأقليات كمواطنين متساوين مع المسلمين إلخ.
الأزمة الثالثة حدثت في سياق ثورات الربيع العربي، والتجارب الإسلامية في مصر وتونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي ومبارك في مصر، وأيضا ظهور الحركات الإسلامية المسلحة بكافة تصنيفاتها وسيطرتها على المشهد السياسي في سورية واليمن وليبيا. شهدنا موجة واسعة من الانتقادات للتيارات الإسلامية السياسية والحربية من داخل هذه الحركات ومن خارجها، دفعت العديد من المفكرين الإسلاميين إلى تطوير اجتهادات جذرية مختلفة، وأكثر انفتاحاً على الحداثة.
ثالثاً: الخلاصة
لقد كان هذا المجال العلمي أي الفقه السياسي المعاصر – لفترة قريبة جداً – حكراً صرفاً على الفقهاء ومفكري الإسلام السياسي، لكن نشهد منذ فترة قريبة مساهمات قيمة من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والمؤرخين العرب والمسلمين، وقد ساعدت هذه الأبحاث على تسليط ضوء العلوم الإنسانية أو الاجتماعية على الكثير من جوانب هذا الموضوع.
يقول المفكر المصري الراحل في خاتمة كتابه نظرة جديدة للقرآن: لقد قدمتُ حُججي على أنَّ القرآن ظاهرة حية. ولا بد لأي تأويل إنساني للقرآن أن يأخذ هذه الظاهرة الحية بعين الاعتبار، وأن يكفَّ عن اختزال القرآن والتعامل معه بصفته نصًّا فحسب. لقد كان القرآن نتيجةَ الحوار والجدال، والحجاج، والقبول، والرفض. فهذا البُعد الأفقي التواصلي الإنساني يكمُن في «بنية» القرآن لا خارجها. وتنبع الدعوة إلى تبني «نظرة جديدة للقرآن» من هذا البُعد التواصلي. وهي دعوة في غاية الأهمية للمسلمين عمومًا، وللمسلمين الذين يعيشون في أوروبا خصوصًا. ولا تقتصر الحجج التي قدَّمتها على أهمية استمرار هذه العملية فحسب، بل تمتد إلى أهمية تطويرها نحو تشكيل منهجيةٍ بناءة للمسلمين، أينما كانوا، تمكِّنهم من الاندماج بفاعلية في صياغة «معنى الحياة» في العالم الذي يعيشون فيه، إضافةً إلى تنمية البُعد الروحاني والأخلاقي الذي ينطوي عليه تراثهم.
فأيُّ المعنيين سيسود؛ التآلف أم العزلة؟ هل المسلمون مستعدون لتبني نظرة جديدة للقرآن أم لا؟ هل من الممكن أن نفكِّر في الخيارات المفتوحة التي يتيحها لنا الخطاب القرآني ونعيد النظر في المعنى الثابت الذي يطرحه علينا العلماء التقليديون؟ بعبارة أخرى، إلى أيّ مدى سيتطور إصلاح الفكر الإسلامي؟ إنَّ هذا السؤال يستوجب أن نستدعي إلى مناقشتنا العلاقةَ بين الغرب والعالم الإسلامي. كيف تؤثِّر هذه العلاقة في الكيفية التي يعمل بها المسلمون على تبني «نظرة جديدة» تجاه تراثهم لتحديث حيواتهم دون التخلي عن قوَّتهم الروحانية، لا سيما في ضوء المشروع الاستعماري لأمريكا؟ يؤسفني أنَّ الإجابة ليست إيجابية لا سيما مع السياسة الاستعمارية الجديدة لأمريكا. فكلٌّ من المشروع الأمريكي الاستعماري والإمبريالي الجديد، وبناء مناطق منعزلة في الشرق الأوسط، ستؤيد على الأرجح – من بين جميع الخطابات الموجودة في الفكر الإسلامي المعاصر – الخطابَ الأكثر إقصائية وتشجيعًا على العزلة. إنَّ هذه المشاريع الاستعمارية لا تترك للأشخاص أيَّ خيار آخر سوى التكيف مع تأويل الإسلام بصفته أيديولوجية للمقاومة: تأويل الباكستاني المودودي الذي يقسِّم العالَم إلى خَصمين، وهو تأويل ينعكس صداه في الكتاب الذي ألَّفه هنتنغتون بعنوان «صراع الحضارات». علينا إذَن أن ننتبه وأن نحرص على توحيد جهودنا لمكافحة كلا الزعمَين وتبِعاتهما بجميع الطرق الديمقراطية الممكنة[24].
إن تأخر الاجتهاد وتخلف البحث في مجال الفكر السياسي الإسلامي المعاصر، وتأثيره السلبي الكبير على برامج النهوض في البلدان العربية والإسلامية للحاق بركب الحداثة، يشكل واحد من الأسباب المسؤولة عن الأوضاع المأساوية التي نعيشها اليوم. فنمو وتفشي مظاهر الغلو والتطرف الديني والراديكالية السياسية بين الشبان المسلمين من أسبابه الثقافية غياب أطروحات اجتهادية تحظى بالمصداقية والقبول، وتساعد الشباب الإسلامي على عيش إيمانهم في الدولة الوطنية الحديثة أو الدولة الوطنية الديموقراطية دون الوقوع فيما يسميه عالم النفس الفرنسي من أصول تونسية فتحي بن سلامة بتناذر «المسلم الأعلى»[25].
فالمسلم الأعلى، هو في حالة دائمة من المزايدة الدينية، ويردد منذ مئة عام تقريباً العبارة التالية: لسنا مسلمين كما ينبغي أو كما يريدنا الإسلام أن نكون؛ وعلينا أن نكون أكثر إسلاماً، وهذا هو الدافع الأول للأسلمة التي تنادي بها معظم الأحزاب الإسلامية حتى المعتدلة منها، والتي تشارك في العملية السياسية كما في حالة حزب العدالة والتنمية التركي، والتي تقول بأسلمة (المسلم)، وهي عبارة تحمل الكثير من التناقضات، والكثير من التطرف في التديّن والغلو باللغة التقليدية، وكذلك بالابتعاد عن أهم مبدأ في الدين، أي الثواب والعقاب، وهما لا يمكن أن يؤديا المطلوب إلا بالحرية الدينية والإرادة الحرة للإنسان المتديّن، واعتبار فعله نابع من إرادته لا هو (كسب) كما يقول علماء الكلام الأشاعرة.
[1]– أرسطو، السياسة: مع مقدمة في علم السياسة حتى العصر الحاضر منذ الثورة الفرنسية للبروفسور بارتلمي سانتهيلير، ترجمة أحمد لطفي السيد (منشورات الجمل، طبعة عام 2009).
عدد الصفحات 476.
الطبعة الأولى للكتاب ظهرت عام 1947، وقد قام المفكر النهضوي الليبرالي أحمد لطفي السيد (1872-1963)، وقد ترجمت اعتباراً من النسخة الفرنسية للكتاب، مع مقدمة طويلة (حوالي مئة صفحة) للفيلسوف الفرنسي بارتلمي سانتهيلير المختص بالفلسفة الإغريقية، وصدر الكتاب عن الهيشة المصرية العامة للكتاب.
وأحد التفسيرات لعدم ترجمة الكتاب للعربية في العصر الكلاسيكي هو واقعية أرسطو، وابتعاده عن المُثُل والمثالية عند أفلاطون، وكذلك حديثه عن المواطن والمواطنة والديموقراطية، بينما كتاب أفلاطون (الجمهورية) الذي ترجم إلى العربية في العصر الكلاسيكي – واستند إليه ابن رشد في الحديث عن السياسة – فقد اتسم بالمثالية الطوبائية.
[2]– يتحدث الباحث الإسلامي رشيد كهوس عن هذا التيار الإحيائي الجديد (بالرغم من أنه يصفه بالإصلاحي، ويقول إنه امتداد للأفغاني وعبده، ولكن شتان بين 1ذين الأخيرين والمودودي والنورسي والندوي وقطب والغزالي): «برز في القرن العشرين الميلادي اتجاه إصلاحي حضاري، يعتمد المقاربة السُننية في رؤيته للازمة الحضارية التي تعانيها الأمة، وأزمة العقل السليم. وهذا الاتجاه يرى أن العقل قد توقف عن الإنتاج، وأصيب بالعطب والعَطَل؛ بسبب الجمود والتقليد، فتوقفت حركة العقل… وأدى ذلك إلى الاشتغال بالجزئيات والأمور الهامشية والقضايا الفرعية على حساب الكليات والقضايا الأصولية، ومنها الفقه الأكبر؛ فقه الحضارة أو علم السنن الإلهية الذي لم يحط بالعناية اللائقة به… بالإضافة إلى هذا كله التبعية العمياء للغرب، وغياب القيم الروحية، وانتشار الثقافة الانحلالية التفسخية، واعتماد المناهج الغربية في العلوم الاجتماعية والإنسانية… وفي ظل ما سبق، فقد ظهر فكر إصلاحي يتغيّا النهوض بالعقل المسلم، وإعادة تشكيله على نور السنن الإلهية، وبناء رؤية قرآنية وسننية كلية لمشروع الأمة الحضاري… وكان من هؤلاء الجِلّة الكرام: الشيخ رشيد رضا، الإمام بديع الزمان النورسي، العلامة الهندي أبو الأعلى المودودي، الشيخ محمد باقر الصدر، الشيخ محمد الغزالي، العلامة أبو الحسن الندوي، والمفكر الإسلامي محمد قطب، والشيخ عبد السلام ياسين إلخ إلخ».
مجلة الفكر الإسلامي المعاصر، مجلد 29، عدد 105، عام 2023، ص: 273 – 274.
[3]– انظر إصدارات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي يترأسه المفكر الفلسطيني عزمي بشارة، ومركزه الدوحة – قطر:
ـ حسان القالش سياسة علماء دمشق: أسئلة الإصلاح والهوية والعروبة 1516 – 1916، (الطبعة الأولى 2023).
ـ سعيد علي نجدي المعرفة والسلطة في التراث الإسلامي: تأويل النص أيديولوجيا وصولاً للحداثة (الطبعة الأولى 2023).
ـ سمير ساسي مشروعية السلطة في الفكر السياسي الإسلامي (الطبعة الأولى 2021).
ـ امحمد جبرون في هدي القرآن في السياسة والحكم: أطروحة بناء فقه المعاملات السياسية على القيم (الطبعة الأولى 2019).
ـ عبد اللطيف الهرماسي المجتمع والإسلام النخب الإصلاحية في تونس والجزائر: دراسة مقارنة من منظور علم الاجتماع التاريخي (الطبعة الأولى 2018).
ـ خالد زيادة المسلمون والحداثة الأوروبية (الطبعة الثانية 2018).
الطبعة الأولى صدرت عن دار رؤية، بيروت عام 2017.
ـ مجموعة مؤلفين الإسلاميون وقضايا الدولة والمواطنة في جزأين (الطبعة الأولى من الجزء الأول صدرت عام 2016، والطبعة الأولى من الجزء الثاني الجزء الثاني عام 2018).
ـ وائل حلاق الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومآزق الحداثة الأخلاقي ترجمه إلى العربية عمرو عثمان (الطبعة الأولى عام 2014).
ـ امحمد جبرون مفهوم الدولة الإسلامية: أزمة الأسس وحتمية الحداثة (2014).
[4]– عبد الرحمن الكواكبي أم القرى (المطبعة المصرية بالأزهر، طبعة عام 1931م / 1350هـ)، ص: 3-4.
[5]– علي عبد الرازق «الإسلام وأصول الحكم: بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام»، دراسة ووثائق بقلم د. محمد عمارة (منشورات الطبعة العربية الجديدة، 2000)، ص:111.
[6]– نصر محمد عارف، مقالة المواجهة المعرفية للعنف المُبرر بالدين (جريدة الأهرام المصرية، الأهرام، 11/08/2016).
[7]– آية الله الميرزا محمد حسين (1860 – 1936) صاحب كتاب الأمة وتنزيه الملة: في وجوب إقامة النظام الدستوري عام 1909، واتصف بالانفتاح والنزوع العقلاني، واشتغل بالسياسة خاصة في أزمة (المشروطة)، أي إقرار دستور لتحديد وتقييد صلاحيات الشاه، وتحوّل هذا الأمر إلى فتنة كبيرة داخل الحوزة وبين الفقهاء، وأدى إلى إعدام بعضهم – لأنهم عارضوا الدستور خوفا من تفشي الحريات بين الناس والخروج على الدين – على يد الحكومة العلمانية للشاه محمد الناصر، أو ناصر شاه القاجاري، ومنهم فضل النوري.
وقد أرسل النائيني رسالة إلى الخليفة العثماني يطالبه بإقامة الدستور، واحترام لقواعد الحكم، بما يقيّد الخليفة وفقا لقواعد تراعي ترشيد الحكم.
[8]– علال الفاسي مقاصد الشريعة الإسلامية ومكارمها (دار الغرب الإسلامي، الطبعة الخامسة، 1993، ص: 58).
[9]– الإسلام والسلطة تاريخ الفقه السياسي الشيعي الخميني الصدر شمس الدين د. علي فياض
https://youtu.be/kwve6VJfIW0 تاريخ اليوتيوب 13 أيار 2024.
[10]– امحمد جبرون نشأة الفكر السياسي وتطوره (منتدى العلاقات العربية والدولية، الدوحة – قطر، الطبعة الأولى 2015، ص: 10).
[11]– محمد رشيد رضا الدين والدولة أو الخلافة والسلطنة (المنار، المجلد الثاني 19 أغسطس 1898).
[12]– أوليفييه روا تجربة الإسلام السياسي ترجمة نصير مروة (دار الساقي، الطبعة الثانية 1996).
Olivier Roy L’échec de l’islam politique (Seuil, 1992)
[13]– آصف بيات ما بعد الإسلاموية: الأوجه المتغيرة للإسلام السياسي، ترجمة محمد العربي (دار جداول، 2016).
الطبعة الأولى للكتاب باللغة الإنكليزية عام 2007.
Making Islam Democratic: Social Movements and the Post-Islamist Turn (2007).
[14]– هل حدّد الإسلام شكل الدولة؟ على الرابط:
https://youtu.be/FFZaoaAfhQ4 تاريخ اليوتيوب 2019.
[15]– لؤي صافي العقيدة والدولة: معالم نظرية عامة للدولة الإسلامية (المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996)، ص: 44.
[16]– لؤي صافي العقيدة والدولة: معالم نظرية عامة للدولة الإسلامية (المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996)، ص: 34.
[17]– محمد المختار الشنقيطي الأزمة الدستورية في الحضارة الإسلامية من الفتنة الكبرى إلى الربيع العربي (منتدى العلاقات العربية الدولية، الدوحة، 2018).
تقديم الشيخ راشد الغنوشي.
انظر محاضرته: أمهات القيم السياسية في القرآن الكريم والسنة النبوية، على قناة اليوتيوب، على الرابط:
https://youtu.be/V6qKI7JaeZ8 تاريخ 2018.
[18]– امحمد جبرون مفهوم الدولة الإسلامية: أزمة الأسس وحتمية الحداثة (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2014)، وكتاب في هدي القرآن في السياسة والحكم: أطروحة بناء فقه المعاملات السياسية على القيم (المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2019).
[19]– عبد الإله بلقزيز: سلطة النص وسلطة التأويل من أجل اسلاميات نقدية، على قناة اليوتيوب، الرابط الالكتروني:
https://youtu.be/C-89dFNoHoo تاريخ 2017.
[20]– لؤي صافي الدين والدولة والسياسة (الناشر عين الشرق لدراسات السياسات، 2022).
كتاب مشترك مع حازم نهار ومحمد المختار الشنقيطي.
وكتاب العقيدة والسياسة: معالم نظرية عامة للدولة الإسلامية (المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1996). يقول المؤلف إنّ: «المشكلة التي يواجهها الفكر السياسي الإسلامي المعاصر هي عين المشكلة التي واجهها الفكر السياسي التقليدي، بالتحديد مشكلة القصور المنهجي. ذلك أن المنهج المعتمد من قبل علماء السياسة القدماء والمحدثين يغلب عليه الطابع التجزيئي الوظيفي. فالمنهج المعتمد تجيئي لأنه لا يطمح إلى دراسة متكاملة لمختلف النصوص المتعلقة بظاهرة سياسية معينة، بغية استنباط قواعد عامة تشكل منظومة متكاملة لفهم الموقف القرآني أو النبوي الكلي من الظاهرة المعنية، بل يكتفي بسوق انتقائي لنصوص مختارة لتأييد فهم محدد أو موقف معيّن»، (ص: 22).
والهدف هو تجاوز الفقه السياسي التقليدي في العصر الوسيط، وكذلك التعديلات المعاصرة في عصر النهضة التي ساهم بها تيار الإصلاحية الإسلامية وعلى رأسه جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا.
[21]– عبد الرحمن الحاج الإسلام في عالم متغير (دار الفكر، 2005).
كتاب مشترك مع أبو يعرب المرزوقي، معتز الخطيب، رضوان زيادة، عبد الرحمن حللي.
[22]– انظر قراءات الإسلام والدولة الوطنية، حوار أجراه الإعلامي بشر الحاوي مع الباحث الإسلامي حذيفة عكاش.
تاريخ اليوتيوب 15/01/2019
[23]– ونعرف أن أي منظومة حسب توماس كون في بنية الثورات العلمية تبدأ بإعادة النظر أو يبدأ العقل المكوِّن في الاشتغال عندما لا نجد الأجوبة على أسئلة كثيرة مطروحة على هذه المنظومة، حدث ذلك في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر ثلاث مرات خلال قرن ونصف القرن.
[24]– نصر حامد أبو زيد نظرة جديدة للقرآن: نحو تأويل إنساني ترجمة الزهراء سامي مراجعة مصطفى محمد فؤاد (دار هنداوي للنشر، القاهرة، طبعة 2024)، الخاتمة ص: 63 – 64.
الطبعة الأولى للكتاب ظهرت باللغة الإنكليزية عام 2004.
[25]– انظر فتحي بن سلامة «رغبة هوجاء في التضحيّة: المسلم الأعلى»، ترجمه إلى العربيّة الحسين سحبان، راجعه حمادي حمود (مؤمنون بلا حدود للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2019.