حق الشعوب هو البوصلة.. تضامناً مع الشعب الفلسطيني المكافح

img

المقاومة الفلسطينية يجب تقديره عالياً لأنهم أثبتوا من جديد بأن جيش الاحتلال الصهيوني ليس مطلق القوة والجبروت ولا استخبارات العدو الإسرائيلي.

منذ أكثر من شهرين وأهلنا في جبل العرب الأشم يتظاهرون ويؤكدون بأنهم يرفضون حكم عصابة الأسد التي اغتصبت البلاد قتلت ونكلت بملايين السوريين بين شهيد ومهجر قسرياً ومعتقل ونازح، والعالم يتفرج ويتواطأ مع المجرم الأسد واقتنعنا أن الدول الكبرى والإقليمية تحميه كل بطريقته إما المباشرة مثل روسيا وإيران وأما غير المباشرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وغيرهم من الدول.

الثورة السورية انطلقت منذ 12 سنة ولم تخمد شعلتها كما نرى في السويداء ودرعا وفي شمال سوريا، وحتى اليوم تتعرض مناطق شمال غربي سوريا في إدلب للقصف الروسي والأسدي الوحشي، حيث يقتل الأطفال والنساء وتهدم البيوت.

وهناك بؤر توتر أخرى مثل أوكرانيا حيث هب العالم الغربي بأكمله ليدعم أوكرانيا ضد القوات الروسية التي اجتاحتها، وتسفك دماء الأبرياء، وتُعلَن أهداف مختلفة لهذه الحرب.

لكننا نرى بوضوح أن هناك صراعاً دولياً جيوسياسياً واستراتيجيا يتحكم بالموقف ويفسر الدعم الغربي الواسع لأوكرانيا، وكذلك مثلما حدث في سوريا ويحدث اليوم، حيث تعلن أمريكا عن تفهمها لحقوق الشعب السوري وتصدر القرارات ضد نظام الأسد المجرم ولكنها لا تخفي أنها ليست بصدد تغيير الأسد المجرم بل معاقبته فقط، وهذا يعني أن بقاء الأسد مفيد لأمريكا وإسرائيل بالمعنى الجيوسياسي.

كما تدخلت روسيا بثقلها عام 2015 وبرضى غربي لحماية عصابة الأسد، ويبررون ذلك بأنه من أجل حق الدول وسيادتها وشرعية الأنظمة، ولكن الحقيقة هي مصالح جيوسياسية واستراتيجية والشعب السوري هو وقود هذه الصراعات والشعب الأوكراني كذلك، واليوم نرى من جديد كيف يقف الشعب الفلسطيني وحيداً وهو يعاني منذ 70 سنة من الاحتلال والتهجير وسياسة الفصل العنصري ومن توسيع الاستيطان وتضييق الخناق على الفلسطينيين وأصبحوا يعيشون في سجن كبير تحت إدارة المحتل الإسرائيلي بينما بشار الأسد وأبوه حولوا سوريا إلى سجن كبير منذ 50 عاماً، وعندما طالب الناس بحقوقهم استخدمت عصابة الأسد ضدهم كل أنواع البطش والقتل.

واليوم أهلنا في فلسطين طالبوا بحقوقهم المشروعة بطريقتهم الخاصة المشروعة، لأن العرب لا خير ينتظر منهم، لأنهم تأقلموا مع الاحتلال الإسرائيلي وراحوا يتسابقون على التطبيع معه، بينما القدس وفلسطين العربية تحت رحمة اليهود الصهاينة الذين لا يخفون في مناهجهم التعليمية ضرورة قتل العرب، وكذلك إسرائيل من الفرات إلى النيل، لان الأيديولوجيا الصهيونية هكذا تقول.

 وماذا فعل الأسد في سوريا؟ عمل على إبادة العرب السنة وهم اغلبية الشعب السوري وهجر منهم 14 مليون، وكذلك تريد إسرائيل تهجير اهل غزة بالرغم من ضيق المساحة وغياب الحرية ومقومات الحياة الكريمة ولكنهم متشبثون بأرضهم أرض فلسطين ولا يريدون الخروج منها.

سياسة الإبادة والتغيير الديموغرافي مارستها عصابة الأسد المحتلة لسوريا مدعومة من القوى الدولية والإقليمية ونفس الشيء تمارسه العصابة الصهيونية ضد من تبقى في فلسطين منذ أن احتلتها وقتلت من قتلت وهجرت أهلها من منازلهم وفي كل حرب مع العرب توسع الأراضي التابعة لها والعرب يريدون مكافئتها على فعلته بفلسطين والمقدسات.

إنه الزمن الرديء والمخجل، أن يكافأ المجرمون على فعلتهم بحق الشعوب، الأسد في سوريا وإسرائيل في فلسطين.

ولكن اللافت أن الغرب بقيادة أمريكا الذي دعم الأوكرانيين بكل قوة وسخاء ضد روسيا، انتقل اليوم بسرعة ليدعم أمن دولة إسرائيل وليغطي على الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني في فلسطين.

ونفس الشيء فعله الغرب بقيادة أمريكا في سوريا، ادعا أنه مع حق الشعب السوري ولكنه على مدى 12 سنة يحمي نظام الأسد من السقوط ويبيع الشعب السوري بعض التصريحات التي لا تغني ولا تسمن.

وحركة حماس، التي قد نختلف معها في الأيديولوجيا، ولكننا لا يمكن إلا أن نقف اليوم مع المقاومة الفلسطينية ونعتبر أن من هاجم مواقع الجيش المحتل واخترق مواقعه بسرعة وسهولة وكبده الخسائر الكبيرة، هم فلسطينيون أبطال رفضوا الذل والظلم.

ولكننا نلفت الانتباه إلى مزاودات النظام الإيراني وأذنابه مثل حزب الله الطائفي اللبناني وادعاءاته بأنه يشكل مع عصابة الأسد محور المقاومة زورا وبهتاناً.

ولا نعرف عن هذا المحور المزيف حتى اليوم سوى أنه قتل الشعوب العربية في سوريا والعراق واليمن ولبنان، ويزاودون اليوم على كفاح الفلسطينيين ويريدون حصاد نتائجه استراتيجياً وجيوسياسياً لحساب نظام الملالي صاحب المشروع الفارسي المعادي للعرب والمسلمين.

علينا أن نفرق بين حق الشعوب في العيش بحرية وكرامة وبين الجماعات السياسية والعسكرية المختلفة التي تتاجر بقضايا الشعوب.

أهلنا في فلسطين اليوم مثلهم مثل أهلنا في سوريا يكافحون ويضحون بالغالي والنفيس لكي يحصلوا على حد أدنى من العيش بإنسانية.

وكما يقول المثل لن يحك جلدك سوى ظفرك.

ولذلك علينا كعرب ومسلمين وشعوب أن نقاوم المشروع الصهيوأمريكي الجيوسياسي الذي يهدف إلى عدم السماح لنا بالتقدم وأن تبقى شعوبنا مكبلة بقمع محلي من أنظمة مستبدة فاسدة مرتهنة لقوى خارجية، ومن احتلالات مختلفة من إسرائيل وإيران وغيرهما.

إنه صراع حضاري بامتياز، ومن يعتقد واهماً أن الغرب ديمقراطي ويريد نشر الديمقراطية في العالم فهو واهم.

انظروا إلى الديمقراطية التي نشروها في العراق وأفغانستان، لقد سلموا الحكم لفئات طائفية فاسدة تابعة لإيران في العراق ومتعصبة في أفغانستان.

تحية إجلال لشهداء فلسطين وسوريا الذين ضحوا من أجل شعوبهم، والخزي للأنظمة العربية المتخاذلة والمتواطئة مع العدو المحتل في فلسطين وسوريا.

وأنا على ثقة أن قضية الشعوب ستنتصر أخيراً ولا يمكن للظلم أن يدوم.


الكاتب الدكتور محمود الحمزة

الدكتور محمود الحمزة

أكاديمي وسياسي سوري

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة