مشروع وثيقة توافقات وطنية
هذا المشروع
شكّل موضوع الحوار بين التيارات الفكرية والسياسية السورية الرئيسة أحد اهتمامات مركز حرمون، وكان الدافع إلى هذا الاهتمام هو حالة التشتت والتشرذم الفكري والسياسي التي يعيشها السوريون، بما يهدر طاقات الفرد والمجتمع، وتجعل المجتمع السوري مشتت الفاعلية، وخاصة في سنوات الصراع الأخيرة منذ 2011، حيث تغيب التوافقات المشتركة التي تضمّ طيفًا واسعًا من السوريين، وتتجاوز حالة التشتت والتشرذم، بما يؤطر العمل الفردي في حيّز جمعي قادر على خلق الأثر.
في هذا السياق، أطلق مركز حرمون منذ 2016 منصة هنانو للحوار العربي الكردي، ومنصة الكواكبي للحوار الإسلامي الديمقراطي، وعقد العديد من الندوات والحوارات، وأنجز عددًا من الدراسات لقراءة مشهد التيارات السائدة في الساحة السورية، ونشر العديد من المقالات التحليلية حول موضوعات الحوار.
وبناءً على رغبة العديد من أصدقاء المركز، قام المركز، منذ عام ونصف، برعاية مشروع الحوار الحالي بين التيارات الفكرية والسياسية الرئيسة في سورية، حيث تزداد الحاجة اليوم إلى رؤية متقدمة، لقضايا الوطن السوري الراهنة والمستقبلية، التي تشكّل أسس الدولة السورية القادمة، والتي تصدر عن مجموعة كبيرة متنوعة من النخب السورية متعددة الانتماءات، تمثّل أوسع طيف ممكن من السوريين، وتجسر الهوة بين التيارات والاتجاهات الرئيسة السائدة بين السوريين.
نتيجة المناقشات الداخلية، تم تحديد 12 موضوعًا رئيسًا ذا علاقة بإعادة بناء الدولة السورية، من الموضوعات التي يوجد حولها تباينات كبيرة أو صغيرة، بين التيارات الرئيسة في سورية، وغاية الحوار إبراز نقاط الالتقاء والافتراق وممكنات جسر الهوية والوصول إلى توافقات في الرؤى، وقد تمت مناقشة الموضوعات التالية:
1. القواعد الدستورية المحصنة التي تحتاجها سورية – 2. نظام الحكم المناسب لسورية– 3. شكل الدولة الأنسب لسورية– 4. علمانية الدولة في سورية– 5. المواطنة المتساوية في سورية– 6. العدالة الانتقالية لأجل سورية– 7. الحقوق والحريات في سورية– 8. معالجة الأزمة الطائفية – 9. معالجة الأزمة القومية – 10. التعليم والتربية في سورية– 11. النموذج الاقتصادي والاجتماعي في سورية– 12. منظمات المجتمع المدني في سورية.
ولمناقشة تلك الموضوعات، نظّم المركز 26 جلسة حوارية، على مدى 13 شهرًا، شارك في كلّ جلسة نحو 20 شخصية سورية من ذوي الاختصاص، من أكاديميين وباحثين ومثقفين وسياسيين، من مختلف الانتماءات. وقد تم إعداد تقرير عن مخرجات كل موضوع.
بلغ عدد المشاركين في تلك الجلسات 186 سوريًّا وسورية، من مختلف الاختصاصات والانتماءات، وكان الحرص كبيرًا لتحقيق أفضل مشاركة ممكنة للتنوّع السوري في كل جلسة من الجلسات، مع مراعاة خاصة لطبيعة كل موضوع.
وإضافة إلى الموضوعات المذكورة أعلاه ومخرجاتها، تمت مناقشة نصوص حول القضايا الأخرى التي لا يكتمل المشروع بدونها، وفي الوقت نفسه، لا يختلف السوريون حولها، مثل: المبادئ العامة – سيادة القانون – الفصل بين السلطات– استقلال القضاء.
خلال هذا المنهج، أتيح لكلّ مشارك المشاركة في مناقشة موضوع واحد أو موضوعين اثنين فقط. ولضمان إشراك الجميع في مناقشة كلّ الموضوعات، تم إعداد تقرير عام بمخرجات جميع جلسات الحوار، التي مثلت الرأي الغالب في جلستي النقاش الخاصتين بالموضوع الواحد. وأُرسل التقرير إلى جميع المشاركين في الجلسات المختلفة، لإطلاعهم على نتائج الجلسات، وإبداء الرأي فيها، وقد تلقّت اللجنة المنظمة للحوار ملاحظات كثيرة على التقرير، واستندت إليها في إصدار هذه الوثيقة التي تسمّى “مشروع توافقات وطنية”.
وإضافة إلى الجهود التي يبذلها عدد من الأصدقاء في مناقشة هذه الوثيقة، وإلى مجموعات عدة تقوم بالأمر ذاته، يضع مركز حرمون الوثيقة على موقعه، من أجل توسيع الحوار حول ما ورد فيها، ويرحّب بكل مساهمة نقدية لهذه الوثيقة، وستنشر المناقشات في موقع المركز؛ فالنقد هو إغناء للوثيقة، وهو مشاركة فعلية في الحوار، وستُضاف أسماء المشاركين في الحوار حول الوثيقة، في حال موافقتهم.
مركز حرمون للدراسات المعاصرة