لمناقشة مسار الحل السياسي، هيئة التفاوض تعقد اجتماعها الدوري في جنيف
عقدت هيئة التفاوض السورية، اليوم الثلاثاء، اجتماعها الدوري في مدينة جنيف السويسرية، ويستمر الاجتماع لغاية 15 آب الجاري، إذ يتضمن جدول الأعمال مناقشة العديد من القضايا السياسية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ومراجعة سياسية للمرحلة الماضية، ووضع إستراتيجيات للهيئة للمرحلة المقبلة.
وتستعرض مكونات الهيئة خلال الاجتماع “آخر تطورات العملية السياسية، وتُجري مراجعة للتحديات التي واجهتها الهيئة في المرحلة الماضية، على مستوى التفاعل مع المجتمع السوري، والتفاعل مع الأمم المتحدة والدول الفاعلة والعربية، وتُقدّم تصوراً للتغيرات الإقليمية والدولية وتأثيرها على العملية السياسية، فضلاً عن بحث قضايا قانونية وإدارية خاصة بالهيئة، وصولاً إلى صياغة إستراتيجية للهيئة للمرحلة المقبلة”.
وفي افتتاح الاجتماعات، قدّم رئيس هيئة التفاوض السورية الدكتور بدر جاموس إحاطة حول “الظروف السورية والظروف الدولية والتعقيدات المتزايدة التي تحيط بهذا الملف، وضرورة التفكير بعمق وبآليات مبتكرة للوصول إلى حل مرضي وعادل للشعب السوري”.
وقدّم عرضاً لمجمل ما قامت به الهيئة في الفترة الماضية، واللقاءات مع مبعوثي وممثلي الدول وكذلك اللقاءات مع المسؤولين الأمريكيين، واللقاءات التي جرت مع مسؤولين في بعض الدول العربية، وزيارة وفد من الهيئة لنيويورك ولقاءاتها المتعددة مع عدد من البعثات في الأمم المتحدة، والاجتماعات مع الفعاليات السورية في مختلف الدول.
وتحدّث د. جاموس عن التحركات الروسية والأوروبية والأمريكية الأخيرة والتي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالقضية السورية، وضرورة قراءة الواقع بشكل دقيق وصحيح.
كما تطرّق إلى تراجع اهتمام الأوروبيين والأمريكيين بإيجاد حلول للقضية السورية أو ممارسة ضغوط من أجل هذا الملف، ورأى أن هناك محاولات لتهميش القرار 2254، ومحاولات للبحث عن حلول خارج إطار القرارات الدولية، ومن بينها “اللا ورقة” الأوروبية.
إضافة لذلك تطرق للحديث حول تحريك بعض الدول لملف اللاجئين وحديثهم عن مخاطر يتسببها لهم هذا الملف، ومحاولة استغلال بعض الدول لهذا الملف لتحريك ملف التطبيع مع نظام الأسد، وتحريك مبدأ التعافي المبكر بطريقة غير سليمة ليصبّ في مصلحة النظام.
وتحدّث عن المصالح المتضاربة لكل دولة وسعي بعض الدول لحل مشاكلها بشكل منفرد، وغياب البوصلة الدولية، وتراخي الموقف الأمريكي، وعدم اكتراث المجتمع الدولي لتعطيل نظام الأسد للحل السياسي وتعطل اجتماعات اللجنة الدستورية وغض الطرف عن تهرب النظام من كافة المسؤوليات والالتزامات المطلوبة منه وفق القرارات الدولية.
وشدّد على ضرورة أن يكون هناك إستراتيجية واضحة ومبتكرة خلال المرحلة المقبلة، وأهمية استثمار كل العلاقات المتاحة والممكنة مع مختلف الدول من أجل مصلحة السوريين والقضية السورية.
التشاركية والتفاعل مع المجتمع
وأشار إلى أن إستراتيجية الهيئة خلال المرحلة السابقة ركّزت على التشاركية والتفاعل مع المجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني السورية وتقوية العلاقة مع الداخل السوري وترسيخ العلاقة مع مراكز الأبحاث والإعلام والجاليات والمؤثرين على الأرض والناشطين السوريين، والتركيز على وحدانية وأهمية القرار الأممي 2254 كحلّ وحيد متفق عليه دولياً يُمكن أن يُحقق السلام المستدام والتغيير السياسي الآمن، وكذلك أيضاً تقوية العلاقات وتعميقها مع الدول الصديقة والمبعوثين الدوليين.
وأكّد أن تركيا تضع شروطاً للتطبيع مع نظام الأسد، على رأسها إيجاد حل سياسي يضمن لها خصوصاً أمنها القومي، ويضع حداً للإرهاب وخاصة إرهاب تنظيمات “حزب العمال الكردستاني”، و”قوات سورية الديمقراطية”، ويجد حلولاً منطقية إنسانية آمنة لعودة ملايين اللاجئين.
كما أشار أيضاً في هذا السياق إلى أن ملف اللاجئين هذا يزداد تعقيداً حتى في أوروبا في ظل صعود اليمين المتطرف وزيادة قوته في أوروبا.
وتحدّث عن الوضع الداخلي السوري على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني، والمخاطر التي تواجه كل هذه الملفات داخلياً، والتحديات الحقيقية التي تضعها في وجه المعارضة السورية، وقوة المعارضة من قوة السوريين الرافضين للنظام الأمني الشمولي الاستبدادي، ورهانها المستمر عليهم، وقوتها من قوتهم. كما أشار إلى مخاطر أي محاولات للتطبيع مع النظام السوري، وتأثيرها على خفض أهمية القضية السورية دولياً.
وضرورة مواجهة كل هذه المحاولات أو وضع حدود لها، وضرورة طرح كافة السيناريوهات ووضع استراتيجية لمواجهتها لتكون الهيئة مرنة ومستعدة لأي مسار يمكن أن يطغى على المسارات الأخرى.
وجرى خلال الاجتماع مناقشات واسعة بين كافة أعضاء الهيئة الممثلين للمكونات، وقُدّمت العديد من الاقتراحات والأفكار التي يمكن أن تُساهم في تعزيز الحل السياسي، واستعراض أوجه مرحلة إعادة تشكيل تحالفات الشرق الأوسط في ظل الصراعات والتحالفات العالمية الأكبر، واستمرار الرهان على الداخل السوري والقوى الثورية حتى تحقيق مطالب الثورة، وطرق كل الأبواب خدمة لهذه الثورة.
وتقوم الهيئة في اجتماعاتها بدراسة كافة الخيارات المتاحة لتحريك العملية السياسية التفاوضية وفق ما نصّت عليه القرارات الدولية ولا سيّما بيان جنيف والقرارين الأمميين 2118 و2254، وكذلك الوسائل الممكنة لوقف أي محاولات لحرف المسارات السياسية، أو تهميش مطالب السوريين المشروعة في دولة الحرية والعدالة والمواطنة، أو وقف التطبيع أو تحجيمه، والتأثير على الحلفاء من أجل الاستمرار بثبات مواقفهم تجاه النظام والشعب والحل السوري، ومن المقرّر أن تصدر في نهاية الاجتماعات توصيات وخطة عمل إستراتيجية للمرحلة المقبلة للهيئة.
المصدر: وكالة سنا