بوتين يحذر الأسد: ابتعد عن إيران وانخرط مع تركيا لتفادي عواقب التصعيد
تتابع الجهات الدولية المختلفة السلوك الإيراني بدقة منذ عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران أواخر يوليو الماضي، إذ توعدت إيران بالرد على السلوك الإسرائيلي المتمثل باستهداف أحد ضيوف إيران وقتله.
سبب الترقب الدولي للرد الإيراني هو الحرص من الفاعلين الدوليين البارزين مثل روسيا على عدم توسع التصعيد للدرجة التي يضرّ بها نفوذ موسكو في منطقة الشرق الأوسط عموما، وروسيا على وجه الخصوص، نظراً للاحتمالية المرتفعة بأن تقحم إيران سوريا في التصعيد المرتقب، وقد ظهرت المؤشرات الأولى على توجه طهران باستخدام الساحة السورية عبر دعم لهجوم قوات عشائرية ضد مناطق النفوذ الأميركي شرقي سوريا.
حراك روسي
أجرى الجانب الروسي حراكاً مكثفاً في المنطقة منذ بداية آب/ أغسطس الجاري، بهدف الحفاظ على دور موسكو في ضبط وتأطير التصعيد المرتقب، بما يحفظ لروسيا مناطق نفوذها.
وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر خاصة بأن وفداً أمنياً روسياً عقد لقاءات مع قيادة حزب الله اللبناني قبل عدة أيام، والهدف من اللقاء جس نبض الحزب، ومعرفة خطواته المستقبلة، بعد أن هدد زعيم الحزب باستهداف الداخل الإسرائيلي في إطار الرد على اغتيال رئيس أركانه فؤاد شكر.
وبحسب المصدر فإن التحركات التي تجريها الفصائل العراقية وحزب الله اللبناني جنوبي سوريا، زادت من القلق الروسي من احتمالية أن يطول التصعيد الأراضي السورية، حيث دفعت الفصائل المذكورة بخبراء صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا مطلع آب/ أغسطس بعد أن تلقوا تدريبات تكتيكية على الأراضي العراقية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلف عضو مجلس الأمن القومي سيرجي شويغو بإجراء اتصالات مع الجانب الإيراني والنظام السوري، بهدف التأكيد على تحييد الأراضي السورية عن التصعيد، وهذا هو سبب زيارة شويغو إلى طهران قبل عدة أيام.
الموفد الروسي إلى طهران، أعرب للأخيرة عن مخاوفه من أن الانزلاق إلى حرب مفتوحة تصل شررها إلى سوريا، قد يستجلب نقمة واشنطن وإسرائيل على النظام السوري، مما يزيد من احتمالية تعرض الأخير للاستهداف، وعدم الاكتفاء بالرد على نشاط إيران في سوريا.
نصائح من بوتين لبشار الأسد
في إطار المساعي الروسية لتحييد سوريا عن اتساع الصراع بين إيران وإسرائيل، حرص الرئيس الروسي بوتين على توجيه نصائح لبشار الأسد، بعد أن استقدمه إلى موسكو أواخر تموز، يوليو الماضي.
وعلم موقع تلفزيون سوريا من مصادر دبلوماسية على اتصال مع وزارة الخارجية الروسية، بأن بوتين نصح الأسد بترك مسافة واضحة بينه وبين إيران، لأن روسيا بحسب ما يتوفر لديها من معلومات ومعطيات تعتقد بأن أميركا وإسرائيل وبريطانيا لديها توجه حقيقي لتوجيه ضربات مؤلمة لنفوذ إيران في مختلف الساحات، ولذا يجب على الأسد أن يقدم مصالح سوريا على رغبات إيران.
كما نصح بوتين الأسد بالانفتاح على الجانب التركي، والتخلي عن الشروط المسبقة لتطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، لأن موسكو راغبة في التجاوب مع مطالب تركيا وإعطائها تطمينات بخصوص أمنها القومي، وتعتقد أن هذا النهج يصب في صالح الأسد وسوريا، لأنه سيضمن حياد تركيا وإقناعها بعدم إعادة التصعيد للساحة السورية.
وأفادت المصادر بأن روسيا تناقش مع الجانب التركي حلاً مقبولاً للطرفين بخصوص ملف الأكراد، ووعدت بأن تتجاوب دمشق مع هذه الجهود، خاصة أن هذا الملف هو على رأس أولويات الجانب التركي منذ مدة، وأنقرة منفتحة على عقد تفاهمات مع دمشق كما فعلت مع حكومة بغداد، محورها الأساسي مكافحة الإرهاب.
ومن الواضح أن روسيا لديها تخوف من عودة السخونة إلى الملف السوري، خاصة في ظل تركيزها على الحرب مع أوكرانيا، في ظل الخرق الذي حققه الجيش الأوكراني مؤخراً بعد توغله داخل مقاطعة كورسك ضمن الأراضي الروسية، لأن الانزلاق نحو توسع التصعيد في سوريا قد يؤدي إلى تغييرات في خريطة السيطرة تضر بالنفوذ الروسي.
ويبدو أن روسيا غير راضية أيضاً عن هجمات مقاتلي العشائر المدعومة إيرانياً شرقي سوريا، لأنها تستفز الجانب الأميركي وتدفعه لرد فعل، إذ تفيد المعلومات بأن الجانب الروسي تدخل لإيقاف المواجهات، وطلب من الاستخبارات العامة التابعة للنظام السوري احتجاز بعض الزعماء العشائريين المرتبطين بإيران من أجل ضمان عودة الهدوء إلى المنطقة.
المصدر: تلفزيون سوريا