حول آفاق اتساع نطاق الحرب في غزة

img

يحتل التساؤل حول إمكانية اتساع نطاق الحرب في غزة نحو الدول المجاورة مكانا رئيسيا ضمن جملة الاحتمالات التي ترتبط بمصير تلك الحرب.

وتأتي مصادر تلك الامكانية من حقيقة حالة استعصاء ربما تنتهي إليها الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة في حين أن قبول وقف إطلاق النار من قبل إسرائيل يعني قبول الهزيمة طالما لم تتحقق أهداف تلك الحملة المعلنة.

ويبدو أن مسألة قبول الهزيمة ليست واردة حتى الآن لا بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية ولا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.

وطالما أن حماس مازالت تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة كل يوم فذلك يعني وجود حالة استعصاء في حرب غزة.

فلا إسرائيل قادرة على هزيمة حماس ولا هي قادرة على وقف إطلاق النار وابتلاع هزيمتها التي لم يماثلها شيء في كل تاريخ إسرائيل.

إحدى الاحتمالات التي ينتجها ذلك الاستعصاء هي توسع دائرة الحرب.

ولايأتي ذلك فقط كمخرج لحالة الاستعصاء أو كنتيجة مباشرة له , لكن أيضا لكون بقاء حالة الحرب في غزة من شأنها تسخين المنطقة باطراد.

معظم الحروب الكبرى حدثت في حين لم يكن يتصور زعماء الدول المنخرطة فيها أن الحرب ستمتد إليهم.

فالإمبراطورية النمساوية – المجرية أعلنت الحرب على صربيا عام 1914 بهدف محدود يرتبط باغتيال ولي عهد النمسا، ولرغبة تلك الامبراطورية في تأديب صربيا وحسب.

لكن حين وقفت ألمانيا خلف الامبراطورية النمساوية وسارعت روسيا للوقوف خلف صربيا توسعت الحرب بصورة لم يتوقعها أحد من قبل نحو حرب عالمية لم تعهد مثلها البشرية في ضراوتها والخسائر التي أسفرت عنها.

واليوم بينما يراقب الجميع عن بعد ما يحدث في غزة بينما لا يضعون في حسابهم كما يجب أن بقاء الحرب في غزة سيحمل معه احتمال انتقالها للجوار.

فالمنطقة مترابطة في العمق أكثر بكثير مما يظهر على السطح، والضغط على طرف فيها سينتقل لبقية الأطراف ويجد الحلقة الأضعف ليحدث فيها الانفجار.

ومع أول توسع للحرب سوف تبدأ الأمور تخرج عن السيطرة في أماكن أخرى من المنطقة.

بقاء الحرب أخطر بكثير على إسرائيل والغرب من وقف إطلاق النار والبحث عن تسوية سياسية.

لكن ما يمنعهم من رؤية ذلك ليس فقط قصر نظر اليمين الإسرائيلي المتطرف ولكن تلك الهستيريا التي أصابت الغرب بعد السابع من تشرين الأول بحيث فقد القدرة على الرؤية المتعقلة والبعيدة المدى.

أما تهجير سكان غزة فهو مشروع لإدامة الحرب وتوسيعها بامتياز.

فلسنا نحن اليوم عشية النكبة عام 1948، ومن يشك في ذلك فليقارن بين ما تحدثه حماس وحدها من خسائر في الجيش الإسرائيلي وما أحدثته جيوش مصر وسورية مجتمعة في أفضل مواجهاتها العسكرية للجيش الإسرائيلي في حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973.

والعالم لم يعد ذلك العالم الذي يدار من قبل حفنة من الزعماء في حين لا يعرف الناس ماذا يحدث في البلد المجاور لهم أو حتى في بلادهم على وجه اليقين.

لا يمكن التنبؤ الآن كيف ستنتهي حرب غزة.

لكن أفضل نهاية يمكن تصورها هي في تدحرج مسألة الأسرى الإسرائيليين نحو وقف دائم لإطلاق النار، وسقوط نتنياهو وتحالفه اليميني الأرعن. وفتح صفحة جديدة يصحو فيها المجتمع في إسرائيل من وهم إبادة الشعب الفلسطيني وإنكار وجوده وحقوقه إلى إدراك يتصف بشيء من الواقعية يفتح الباب أمام أمل للشعب الفلسطيني وللسلام في المنطقة.


الكاتب معقل زهور عدي

معقل زهور عدي

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة