عبد الرحيم خليفة – ملتقى العروبيين 14 فبراير 2022

مروان حمزة ناشط سياسي وحقوقي معروف، من محافظة السويداء، ومعتقل لأكثر من مرة، في ظل الثورة، يرأس حالياً المنظمة العربية لحقوق الانسان، في سورية.

فصله النظام من عمله في  2006، مع ستة عشر آخرين بقرار رئاسي كيدي، بسبب نشاطهم السياسي المعارض، اثنا عشر منهم من محافظة السويداء.

نشط في صفوف المعارضة الوطنية الديمقراطية منذ زمن الأسد الأب، وشارك في معظم نشاطات وحراك المعارضة والنخبة المثقفة في “ربيع دمشق”

عن الحراك الحالي توجهنا إليه بعدة أسئلة لاستجلاء الصورة وتوضيحها، باعتباره فاعلا ومشاركا ويمثل صوتاً وطنياً صادحاً بالحرية والعدالة والكرامة الانسانية.

س1_ بماذا يختلف حراك محافظة السويداء هذه المرة عن المرات السابقة.؟

ج1_ الحراك في هذه المرة يختلف عن الحراك في السنوات السابقة، هو مختلف جداً.

في المرات السابقة كان منسجماً مع الحراك السوري العام، وكانت أوساط النخبة المثقفة تتجاوب مع نداءات الحرية في عموم سورية واستمر ذلك من عام 2011، عام انطلاقة الثورة السورية وحتى 2014.

على سبيل المثال أتذكر أنه في (جمعة آزادي) خرج شباب محافظة السويداء، بكثافة وقوة، وهنا المفارقة، وأصبت وأدخلت المستشفى ومن هناك تم اعتقالي وتوقيفي.

الحراك الحالي آخذ طابعاً آخراً بعد انقطاع المظاهرات في أغلب المحافظات، وليس في السويداء وحدها، فصحيح أن سمته اقتصادية نتيجة الفقر والعوز، والوضع المعاشي المزري، وانخفاض سعر صرف الليرة السورية، وفشل السياسات الاقتصادية، حيث لايزيد دخل المواطن عن 20 دولاراً أميركيا في وقت هو بحاجة في الحد الأدنى لما قيمته 150 دولاراً، ذلك أنه بعد أسبوع ( بدنا نعيش) الذي أدى الى اعتقال عددٍ من شباب الحراك (12 شاباً) وانتهى بكارثة في صيف 2020 أخذ المبادرة مشايخ الطائفة، وهم يقودون الحراك الحالي ويوجهونه.

س2_ من المؤكد أن حراككم في السنوات الماضية راكم خبرات تعطيكم عوامل دفع وقوة ذاتية تستطيعون من خلالها تحقيق مطالبكم.؟

ج 2_ نتمنى تحقيق مطالب حراكنا وشعبنا، تلك أمنية نعمل عليها ولكن دونها صعوبات وعقبات.

لقد وقعنا في إشكالية كبرى تتلخص في تباين المواقف من دعم الحراك ومساندته.

تركنا للشباب لاقى انتقادات واسعة، كالقول لقد تركنا شبابنا لمصيرهم، وقربنا منهم جعل البعض يقول لقد فشلتم في السابق كنخب ومثقفين فلماذا لا تدعوهم وشأنهم.؟

نحن بجانب الحراك، وتم الاستعانة بنا مرات عديدة من قبل الشباب ومشايخ الطائفة، وفي الايام الماضية ساهمت شخصيا في حل بعض الاشكاليات، وتغلبت على بعض التجاوزات النشاز. لن نتخلى عن دورنا ومستمرون بما راكمنا من خبرة وتجربة في السنوات الماضية.

س 3_ هل أخذ الحراك شكل تنظيمي أو مؤسسي يضبط إيقاعه ويقوده ويعبر عنه.؟

ج 3_ نعم، من الملاحظ لأي مراقب أن هناك شكل مؤسسي يقود الحراك، وقد لاحظت، (الجمعة 10فبراير/ شباط) أن مشايخ الطائفة الذين يقودون الحراك ويوجهونه لديهم أجهزة اتصال لاسلكي، يتبادلون الأحاديث ويتخاطبون بسرعة فائقة، ولا أذيع سراً بقولي أن لديهم تسليح ذاتي شاهدناه منذ 25/ يوليو_ تموز 2018 حين هاجمت داعش القرى الشرقية للمحافظة، والقرى المحيطة بالبادية، وقتلت 300 بين شاب ورجل وامرأة من أبناء تلك القرى، وبحزن وألم أقول كان شقيقي معدى أحدهم، في قريتي دوما.

بعد استشهاد البلعوس تفرعت حركة الكرامة وأصبحت بأسماء ومجموعات مختلفة: شباب الكرامة، مشايخ الكرامة، قوات الكرامة، ولكن هناك اليوم ضابط إيقاع واحد، شعارهم كرامة فوق الأرض أو تحت الأرض والدفاع عن الأرض والعرض كرامة، وهؤلاء لديهم قائمة مطالب طويلة وكبيرة، لا أعتقد أن النظام سيستجيب لها، بدليل حشده هذه الجافل الضخمة على تخومها بالنسبة لمحافظة صغيرة، والتي يصل عددهم الى 5000 جندي، بحسب مشاهداتي الشخصية، مزودين بمختلف صنوف الأسلحة.

الحراك يأخذ طابعا مؤسساتياً وتنظيمياً وهذا تطور كبير في المواجهة.

س 4_ ماهي توقعاتكم للأيام القادمة خصوصاً لجهة تعامل النظام ومنظومته الأمنية.

هل أنتم محصنون من الاختراق والتدخل من الجهات المحلية التي لا تريد التصعيد بل تقف في مواجهته.؟؟

ج 4_ هذا سؤال يصعب تقديره والإجابة عنه، وفي الأيام القادمة سيتبين كيف سيتعامل النظام مع الحراك، وإلى أين ستصل المواجهة والتحدي.؟

لقد تم نقل الحراك من ساحة الكرامة الى مقام (عين الزمان) وهو مركز مشايخ عقل الطائفة، وللمكان رمزية كبيرة يخشاها النظام ويحسب حسابها لما للوضع الطائفي من حساسية كبرى في المدينة، وبالمناسبة (ساحة الكرامة) كانت تعرف سابقا بساحة السير يتوسطها تمثال ضخم للأسد الأب، ولكن بعد مقتل الشيخ البلعوس في 2015 شباب المحافظة أطاحوا بالتمثال وصار يطلق عليها (ساحة الكرامة).

نقل الاعتصام والحراك الى عين الزمان سببه وجود مباني عالية فيها مؤسسات تابعة للنظام وكان هناك خشية من وجود قناصة على أسطح المباني والشرفات وتحول المشهد نحو العنف.

اليوم دعيت لالقاء كلمة ولكني اعتذرت حتى لا يتم إعطاء طابع سياسي للحراك، ويقال أننا امتطيناه لأجندات حزبية وسياسية.

في كل يوم وكل لحظة هناك مخاوف من الاختراق الأمني، وتسلل عناصر مشبوهة لتفجير الوضع، وهو ما يحتاج إلى وعي كبير ومراقبة دقيقة، وهذا ما يعمل عليه شباب الحراك وقادته.

حصل في الأيام الماضية إشكال أمني في محيط مدينة شهبا، أدى الى إصابة شاب بطلق ناري، وكان هناك خشية من صدام مع الحاجز الأمني التابع للنظام، ولكن للآن تتغلب الحكمة بانتظار القادم.

س5_ كيف ترون تضامن السوريين معكم في ظل حديث البعض عن مطالبكم التي يرونها محض اجتماعية_ معاشية.؟

ج 5_ للآسف أقول إن التضامن مع حراك السويداء دون المأمول والمطلوب، لقد رفعت بعض اليافطات في درعا وإدلب، وسمعنا بعض الهتافات المؤيدة والمتضامنة معنا، وصدر العديد من البيانات من تجمعات سياسية وقوى حزبية ومدنية، ولكن كل ذلك دون المطلوب.

كان من المتوقع أن تتحرك اللاذقية وطرطوس، ولكن هذا لم يحصل، وباختصار أقول إن لم تتحرك دمشق فان كل ذلك الحراك لن يفضي الى ما نتمناه.

تكرر مشهد حراك مدينة، أو محافظة، والاستفراد بها، مع صمت المدن الآخرى، ومراقبتها لما يجري بحزن وألم دون فعالية.!

لقد أكلنا يوم أكل الثور الأبيض.!

س 6_ هل ستعيد انتفاضة السويداء وحراكها وجه الثورة البهي عند انطلاقتها الاولى.؟

هل حراكم هو الموجة الثانية من الثورة السورية في طابعها السلمي والمدني خصوصاً أنها تتزامن مع ذكرى انطلاقتها في 2011.؟

ج 6_ نتمنى ذلك، والأيام حبلى بالمفاجأت. تكلفة الحرب أكبر من تكلفة السلم، فمصروفات جحافل النظام التي استقدمها للمحافظة كفيلة بتلبية مطالب المحافظة، وتحسين الأحوال المعيشية للمحتجين، ولكنها العقلية ذاتها التي دمرت سورية.

كان هناك رأي اليوم طالب بالتحرك من (عين الزمان) الى (ساحة الكرامة)، ولكن برز رأي آخر أقوى بعدم المجابهة، واستذكر البعض موقف سلطان باشا الأطرش حين انسحب مع قواته للأردن تفاديا للمواجهة مع قوات الرئيس الشيشكلي التي وجهها للمحافظة.

يأخذ البعض على الحراك رفعه للعلم ذو الحدود الخمسة، وأنا أؤكد أن هذا العلم ليس علما طائفيا، فهو الذي وحد السوريين بقيادة سلطان باشا الأطرش، وهو الذي اجتمع حوله كل قادة الثورة السورية الكبرى، وهو الذي وحد المحافظة، ووحد السوريين، حين مهاجمة داعش من الجهة الشرقية للمحافظة. أنفي بشكل قاطع أن يكون العلم الخماسي يحمل صبغة طائفية.

في سياق متابعة الحراك أعلنت اللجنة المنظمة، اليوم، أنها بصدد إعلان برنامج الحراك للمرحلة المقبلة، نترقب وننتظر كل التطورات وردود الأفعال، خصوصا رد النظام.

س7 _ هل من دور للقوى والمجموعات والاحزاب السياسية في هذا الحراك، وهل من دور للمؤسسة الدينية الخاصة بالمحافظة.؟

ج 7_ لا دور للأحزاب والقوى السياسية في المحافظة لجهة تنظيم الحراك، فدور مجموعات العمل السياسي يقتصر على المشاركة في الحراك وليس تنظيمه، وهناك عدة اطر سياسية وحقوقية في المحافظة كتجمع القوى الوطنية، والهيئة الاجتماعية للعمل الوطني، والمنظمة العربية لحقوق الانسان تدعو بعض عناصرها وشخوصها لتبادل الرأي والاستماع لوجهات النظر المختلفة، ولكن يبقى دورها في هذه الحدود.

أما المؤسسة الدينية الرسمية فهي خارج الحراك تماما لأسباب معروفة، فهي ترفض تثوير جبل العرب، ووثيقة الصلة بالنظام، وهي تتخذ موقف الصمت.

اليوم كان هناك وقفة أمام مشيخة الطائفة ولم يكن هناك أحد منهم، الشيخ يوسف جربوع والشيخ حمود الحناوي.

أما الشيخ حكمت الهجري الشيخ الأول في الطائفة كان له رأي مختلف فهو مع الحراك طالما بقي سلميا ودون اراقة دماء وقد أعلن ذلك لزواره من شباب الحراك، وهو بالأصل على علاقة متوترة بالجهات الامنية وخصوصا الأمن العسكري في المحافظة، ونتمنى ثباته على موقفه الداعم للحراك لأنه يشكل مظلة كبيرة.

س 8 _ هل ستتحول الانتفاضة الى حالة عصيان مدني كامل وماذا أعددتم للمستقبل.؟

 ج 8 _ نحن نتمنى الوصول الى حالة العصيان المدني الكامل والشامل، وعندما بدأ الحراك قطعت الطرقات منعا لوصول الموظفين الى أماكن عملهم في المؤسسات الرسمية للدولة، ولكن هذا لاقى احتجاجات ورفض مرده الى المخاوف من اجراءات عقابية وتحديدا الفصل من العمل مايعني ضياع تعويضات نهاية الخدمة لشريحة واسعة تعمل لسنوات طويلة في قطاعات الدولة، خصوصا أن هناك حالات فصل طالت المئات من أبناء المحافظة. العصيان المدني مرحلة أخرى مرهونة بتطور الحراك ورد فعل السلطة، ولكنه خيار مطروح.